((ثلاثة اعوام حافلة في تاريخ الكرة العراقية))
1961
الحلقة الثانية
تصفيات العالم العسكرية
بعد ان عاد العراق الى عضوية السيزم كما اسلفنا في الحلقة السابقة , جاء عام 1961 ليشهد مشاركته في تصفيات العالم العسكرية , في الخامس من كانون الثاني يناير غادرنا وفد المنتخب العسكري برئاسة العقيد اسماعيل رزوقي لمقابلة نظيره التركي في مستهل مشوار التصفيات , وضم الوفد ايضا الحكم صالح فرج والمدرب عادل بشير و(16) لاعبا منهم اربعة لاعبين من اللواء الثامن هم نوري ذياب وجميل عباس وشامل فليح وكوركيس اسماعيل , ومن القوة الجوية كل من يورا وعمو بابا ورحومي جاسم وعباس حمادي وحامد فوزي وحسين هاشم , ومن الفرقة الثانية عادل عبد الله وكريم افندي وكاظم ياسين اضافة الى قاسم زوية من الكلية العسكرية ! قبل يوم واحد من وصول الفريق العراقي الى تركيا تغلب منتخب تركيا العسكري على فريق هاستبة بنتيجة 7-1 وضم الفريق التركي ثلاث لاعبين من منتخب تركيا الوطني !
على ستاد 19 مايس في انقرة التقى الفريقان يوم 8/1/1961 , وتقدم الاتراك في الدقيقة 12 عن طريق مصطفى يورور , غير ان يورا تمكن من اعادة المباراة الى نقطة البداية بتسجيله هدف التعادل في الدقيقة السابعة عشرة , لكن الشوط الاول انتهى تركيا بنتيجة 2-1 وفي الشوط الثاني اضاف اصحاب الارض هدفين اخرين لتنتهي المباراة بفوز تركيا 4-1 , لعب للعراق : حامد فوزي لحراسة المرمى , جمولي وجليل شهاب وكريم افندي للدفاع , شامل فليح واديسون للوسط , عمو بابا وعادل عبد الله ويورا وقاسم زوية وعباس حمادي للهجوم .
بعد شهرين من ذلك قدم المنتخب التركي العسكري الى بغداد لخوض مباراة الاياب في ملعب الكشافة , وقبل المباراة ارسل السيزم برقية الى بغداد يعلم فيها الجانب العراقي بعدم قدرته على ارسال طاقم تحكيم دولي للمباراة لذلك فقد تولى الحكم التركي زولباهار ساغنات قيادة المباراة كحكم ساحة ويساعده صالح فرج واسماعيل حمودي من العراق. لعب العراق المباراة يوم 10/3/1961 بنفس تشكيل المباراة الاولى في حين غاب لاعبان اساسيان عن الفريق التركي.
لم يمهل الفريق العراقي خصمه التركي سوى دقيقتين ليفتتح عادل عبد الله سجل المباراة , عندما تسارع عمو بابا في جهة اليمين وحول الكرة داخل الجزاء تابعها عادل براسه داخل الشباك التركية , ليتقدم العراق 1-صفر وفي الدقيقة الخامسة ارتكب المدافع كريم افندي خطا ضد المهاجم التركي ايدن يلكين منح الاتراك على اثرها ضربة حرة تم تحويلها الى داخل منطقة الجزاء لتجد اقدام ايدن ليرسلها ضعيفة ولكن كانت كافية لملامسة الشباك , ليتعادل الفريقان 1-1 !
قبل اربع دقائق من نهاية الحصة الاولى حصل الفريق العراقي على ركنية نفذها عباس حمادي لتصل الكرة الى عمو بابا تقدم بها داخل الجزاء وتمكن من ان يسكنها الشباك ليتقدم العراق بنهاية الشوط 2-1 وسط احتفالات متواصلة للجماهير الحاضرة !
كان العراق بحاجة الى هدفين اخرين في الشوط الثاني لابقاء حظوظه في المسابقة , حيث كانت الامال معلقة على نجمي الكرة العراقية انذاك عمو بابا ويورا لتحقيق ذلك , فقد سدد يورا كرة قوية ولكنها ارتطمت بجسد المدافع وذهبت الى ركنية , لكن جاءت الدقيقة 63 لتشهد تسديدة ارضية قوية لايدن لم يتمكن حامد فوزي من انقاذها ليتعادل الفريقان بهدفين ويقضي ذلك على كل امال المنتخب العسكري بالعودة الى اجواء المباراة , غادر بعدها الوفد التركي بغداد بعد الغاء المباراة الودية التي كان مقررا له ان يخوضها مع فريق المصلحة !!
خلال الفترة الفاصلة بين المباراتين الاولى والثانية , تم انتخاب هيئة ادارية جديدة لاتحاد كرة القدم العراقي , اصبح على اثرها اديب نجيب كابان رئيسا لاتحاد الكرة , كما تعزز موقع مدرب المنتخب عادل بشير الذي نال منصب سكرتير الاتحاد , وبذلك اصبح المدرب يقود رسميا المنتخبين الوطني والعسكري ! كذلك اقترح بشير على اتحاد اللعبة ان يتم تنظيم المسابقة المحلية بطريقة الدوري بين الاندية المشاركة بعد ان كانت سابقا تنظم بطريقة التسقيط الزوجي !
كانت لدى اتحاد الكرة العراقي في فترات متفاوتة الرغبة في استضافة منتخبات على مستوى عالمي للعب مع منتخبنا , لكن الطلبات المالية الكبيرة التي كانت تطلبها تلك الفرق حالت دون تواجدها في بغداد , فقد طلب اتحاد الكرة في جيكسلوفاكيا مبلغ (834) دينارا لكل مباراة يلعبها منتخبه في بغداد , بلغاريا طالبت بمبلغ (1000) دينار ثمنا لثلاث مباريات في العراق , كذلك طالب فريق برازيلي هاوي كان يزور المنطقة في جولة رياضية مبلغ (650) دينارا القدوم الى بغداد وخوض مباراة واحدة , ايضا طلب فريق ريد ستار اليوغسلافي الشهير مبلغ 1500 دينار لكل مباراة مع تكاليف السفر , كذلك حمل يورا بعد عودته الى العراق عرضا من فريق ارسنال الانكليزي للقدوم الى بغداد مقابل الف دينار , وهو الطلب الذي وعد يورا بان تتم دراسته ولكن ذلك لم يتحقق !
العراق-العسكري البريطاني
نظم اتحاد الكرة العراقي في شهر اذار مباراة ودية بين المنتخب العراقي ومنتخب الجيش البريطاني ومقره قبرص , حيث وصلت طائرة الفريق الانكليزي الى بغداد في 21-اذار مارس والذي كان في استقباله العقيد اسماعيل رزوقي ورئيس اتحاد الكرة اديب نجيب , واقام الوفد الضيف في فندق سميراميس . ضم الفريق الانكليزي اربعة محترفين واحدا من دوري الدرجة الاولى في اسكتلندا واثنين من الدرجة الثانية اضافة الى لاعب واحد من الدوري الانكليزي الدرجة الرابعة.
جرت المباراة على ارض ملعب الكشافة وحضرها خمسة الاف متفرج يتقدمهم رئيس الاركان اللواء احمد صالح العبدي والسفير البريطاني في بغداد , وتراوحت اسعار التذاكر من 200 الى 750 فلسا للمباراة. اختار المدرب عادل بشير تشكيلته للمباراة فتالفت من كاظم ياسين لحراسة المرمى , جمولي كابتن الفريق وجليل شهاب وكريم افندي للدفاع , شامل فليح واديسن للوسط , كوركيس اسماعيل وقاسم زوية وعمو بابا وعادل عبد الله ويورا للهجوم !
افتتح منتخبنا التسجيل في الدقيقة 15 عن طريق كوركيس اسماعيل لكن سرعان ما رد عليه الانكليز بهدف التعادل , وقبل مرور نصف ساعة اوشك عادل عبد الله على اعادة التقدم العراقي عندما تجاوزت كرته الحارس الانكليزي قبل ان ينقذها المدافع في اللحظة الاخيرة , كما تالق يورا في تلك المباراة بشكل لافت وهو يغربل دفاعات الخصم ذات اليمين وذات الشمال بشكل بدا وكان الكرة ملتصقة بقدميه , اما قاسم زوية فقدم مباراة للنسيان من خلال كم الفرص السهلة التي اضاعها , في المقابل تعرض الحارس كاظم ياسين الى اصابة ادت الى خروجه خلال الاستراحة وعودة الحارس حامد فوزي للمشاركة !
قبل نهاية الشوط الاول احرز عادل عبد الله هدف العراق الثاني , وفي الشوط الثاني اضاف عادل هدفين اخرين ورد عليه الانكليز بهدف لتنتهي المباراة بفوز العراق 4-2
العراق في دورة الالعاب العربية الثالثة الدار البيضاء 1961
خلال شهر ايار مايو اعلن اتحاد الكرة العراقي قائمة من (33) لاعبا للتدريب على ارض ملعب الكشافة استعدادا للمشاركة في الدورة الرياضية العربية الثالثة والتي كان من المقرر ان تجري في المغرب في شهر سبتمبر ايلول القادم , وضمت التشكيلة المستدعاة كلا من :
لحراسة المرمى : حامد فوزي (القوة الجوية) -محمد ثامر(المصلحة)- نيسلون عيسى (الاثوري) -محمد رضا (امانة العاصمة) , للدفاع : جليل شهاب (الجوية) -جميل عباس (الفرقة الثالثة)- جبار محمد(منتخب الشرطة) -كلبرت سامي(منتخب الشرطة) -خضر علوان (المصلحة) -جبار رشك(امانة العاصمة) -لطفي عبد القادر(المصلحة) -صباح هادي (الفيلية) -عبد الرحمن الناصر (شرطة المرور) - للوسط " اديسون ايشا (الجوية) -شامل فليح (الفرقة الثالثة) -يونس حسين (منتخب الشرطة) -يوئيل كوركيس(منتخب الشرطة) - خوشابا لاو(المصلحة) -الهجوم : عمو بابا (الجوية) -يورا ايشايا (القوة الجوية) -كوركيس اسماعيل (الفرقة الثالثة) -قاسم محمود (الكلية العسكرية) -محمد عبد المجيد (المصلحة) -ارميك صهكيان (منتخب الشرطة)-نوري ذياب (الفرقة الثالثة) -شاليمو اوديشو(الاثوري) -شامل طبرة(منتخب الشرطة)-شاكر اسماعيل (السكك) -قيس حميد(الاسالة) -محمد نجم شعيطة (المصلحة) -فاضل عبد المجيد(المصلحة) -البرت خوشابا(المصلحة)-سامي محمود(الفيلية)
وضع اتحاد الكرة منهاجا تدريبيا يشمل اقامة معسكر تدريبي في الاتحاد السوفيتي في شهر 6 استعدادا للدورة , بدا الفريق بوحدات تدريبية ايام الاحد والاثنين والثلاثاء في الساعة 5 عصرا على ملعب الكشافة يوم 14 مايس ايار , على ان تستمر التدريبات عشرة ايام يتم على ضوئها اختيار التشكيلة المغادرة للمعسكر , ولكن الامور سارت في مسار اخر ! في النصف الثاني من شهر حزيران 61 رفعت بريطانيا الحماية عن مشيخة الكويت , فاعلن رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم في تصريح اذاعي يوم 25/6 ان الكويت جزء من العراق. في الجانب الاخر وجهت اللجنة المنظمة للالعاب العربية دعوة للكويت للاشتراك في الدورة الرياضية العربية في الدار البيضاء ليعلن العراق على الفور انسحابه من الالعاب , كذلك كان توجيه الدعوة للكويت للمشاركة في كاس العرب الاولى عام 1963 سببا في غياب العراق عن تلك النسخة ايضا ! لذلك فقد انحل عقد المنتخب بعد الغاء المشاركة.
العراق -مالمو السويدي
لم يتبق امام المنتخب العسكري اي مباريات تذكر خلال فترة الصيف القائض , لكن جهود القائمين على الكرة العراقية اسفرت عن دعوة فريقين اوربيين الى بغداد في شهر تشرين الثاني نوفمبر , هما مالمو رابع الدوري السويدي , وفريق سبارتاك ياريفان الارميني ثامن الدوري في الاتحاد السوفيتي !
وقد اعلن المدرب عادل بشير في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني قائمة من (23) لاعبا للمباراتين , كانت حصة الاسد فيها لعميد الاندية العراقية القوة الجوية (13) لاعبا و (6) لاعبين من الفرقة الثالثة , وثلاثة لاعبين من الفرقة الثانية ولاعبا واحدا من الكلية العسكرية !
في العاشر من تشرين الثاني 1961 وعلى ملعب الكشافة وامام 10 الاف متفرج , تقابل المنتخب العسكري مع فريق مالمو السويدي , تالفت التشكيلة التي اختارها المرحوم عادل بشير من حامد فوزي لحراسة المرمى , جمولي الكابتن والوجه الصاعد جبار سبع , شامل فليح واديسن وحسين هاشم قاسم زوية وكوركيس اسماعيل مع عادل عبد الله وعمو بابا ويورا للهجوم ! جاء فريق مالمو لبغداد وهو يفتقد لاعبين دوليين كانا مع منتخب السويد المشارك في الادوار الحاسمة لتصفيات كاس العالم 1962.
منذ صافرة البداية بدا سعي السويديين كبيرا لتحقيق التقدم لكن بسالة حامد فوزي حالت دون ذلك , كذلك ساهمت رمياته الطويلة للكرة في بداية هجمات مرتدة سريعة للمنتخب العسكري بمجرد حصوله على الكرة , في الدقيقة العاشرة واثر تبادل جميل للكرة بين مهاجمي الفريق العراقي تمكن يورا من ان يفتتح التسجيل للعراق , اتبعه قاسم زوية بالهدف الثاني واضاف عادل عبد الله الهدف الثالث ليتقدم العراق 3-صفر في اول عشرين دقيقة من المباراة وسط دهشة الضيوف !
لم يرضخ السويديون لحقيقة الخسارة وعادوا للهجوم , حيث تمكن المهاجم اريكسن من تقليل الفارق الى 3-1 , وبعد دقيقتين يتمكن غوستافسن من خطف الكرة من المدافع الشاب جبار سبع ويرسلها الى شباك حامد فوزي , لتصبح النتيجة 3-2 بانتهاء الشوط الاول !!!
في الشوط الثاني قدم الفريق الضيف افضل الفنون الكروية من خلال اللعب الارضي وسيطرة الظهيرين على منطقة الوسط لوأد الهجمات العراقية مبكرا , ورغم تالق حامد فوزي الا انه لم يستطع انقاذ الكرة الهائلة التي سددها المهاجم اريكسن من مسافة 35 ياردة والتي اعلنت تعادل الفريقين 3-3 !
لم تنته المباراة عند هذا الحد , ففي الدقيقة 87 , يستغل المتالق عادل عبد الله دربكة امام المرمى السويدي ليغمز الكرة بقدمه ويحرز الهدف العراقي الرابع والذي اطلق العنان لاحتفالات الجماهير , ليكون المرحوم عادل عبد الله المنقذ مرة اخرى من خلال تسجيل هدفه السادس خلال اربع مباريات !
العراق -سبارتاك ياريفان الارميني
المباراة التالية للمنتخب العسكري كانت ضد فريق سبارتاك يريفان من جمهورية ارمينيا السوفيتية , جرت المباراة بتاريخ 19/11/1961 على ملعب الكشافة وامام 10 الاف متفرج , وقد اختار المدرب عادل بشير تشكيلته والتي كانت نفس تشكيلة المباراة السابقة باستثناء تواجد حسين هاشم مع البدلاء مع كل من جليل شهاب وصلاح اسماعيل وفخري محمد سلمان ونوري ذياب.
في المقابل كان مدرب الفريق الضيف قد احتفظ باربعة لاعبين مهمين لم يشركهم في المباراة الاولى والتي فاز فيها الفريق الضيف على منتخب بغداد الاهلي , وكان احدهم الجناح الايمن فليكس اروتيوينيان الذي انطلق كالسهم صوب المرمى العراقي وتجاوز الدفاع وارسل الكرة الى الشباك بعد ثلاث دقائق فقط على انطلاق المباراة !
قدم الفريق الارميني مباراة قوية ولعب اغلب دقائق المباراة في ساحة الفريق العراقي , وكان تالق حامد فوزي وحيلولته دون زيادة غلة الاهداف العنوان البارز للمباراة , في المقابل لم يتمكن الهجوم العراقي من تشكيل خطورة كبيرة على الدفاع الارميني الصلب , لتكون تلك المباراة هي الفوز رقم 33 للفريق الضيف خلال مبارياته الخارجية ال 37 الاخيرة ! ولم تخل المباراة من بعض اجواء الطرافة , ففي التحام عنيف مع المدافع الارميني تمزق سروال عمو بابا من الخلف في اكثر المواقف احراجا في حياته الرياضية , وعموما ورغم الخسارة الا ان النتيجة كانت مقبولة للفريق العراقي وهو يقابل احد الفرق المهمة في الدوري السوفيتي , وكان الفريق الارمني قد وصل لبغداد بعد انتهاء زيارته لطهران حقق خلالها الانتصار في جميع المباريات التي خاضها ومنها فوزه على منتخب ايران 3-1 !