
((ثلاثة اعوام حافلة في تاريخ الكرة العراقية))
1962
الحلقة الثالثة والاخيرة
تصفيات العالم العسكرية
استمر العراق بالتواجد في كاس العالم العسكرية , عندما دخل التصفيات مجددا بداية عام 62 , حيث اوقعته القرعة في احدى المجموعات الاسيواوربية , مع منتخب اليونان وسوريا العسكريين!
في يومي 14 و15 كانون الثاني يناير وصلت بعثة المنتخب العسكري اليوناني والتي ضمت (15) لاعبا على دفعتين الى بغداد , وشملت التشكيلة (6) لاعبين دوليين من منتخب اليونان الوطني , وكان معدل اعمار لاعبيه 21 سنة !
جرت المباراة يوم 18/1/1962 واجرى مدرب المنتخب العسكري عدة تغييرات على تشكيلته التي شهدت عودة جليل شهاب للمشاركة منذ البداية , كذلك فضل المدرب اللاعب حسين هاشم على اديسن في منطقة الوسط , وتالف خط الهجوم من كوركيس اسماعيل وعباس حمادي مع عمو بابا ويورا فيما غاب النجم عادل عبد الله عن تلك المباراة .
كانت امال القائمين على الكرة العراقية وجماهيرها تامل في ان يظهر المنتخب العسكري صورة مشرفة تعكس المستوى الجيد للفريق في المباريات التجريبية الاخيرة , خصوصا مع مالمو وسبارتاك ياريفان , غير ان راي اليونانيين في الملعب كان شانا اخر , حيث فرض الفريق الضيف اسلوبه من خلال اللعب الجماعي السريع الذي اثبت لاصحاب الارض ان لعبة كرة القدم هي لعبة جماعية تعتمد على اجمالي جهد الفريق وليس على مهارة لاعب او اثنين , في الدقيقة السابعة تمكن تاومبليس من هز الشباك العراقية اثر تمريرة طويلة , حاول بعدها الفريق العراقي العودة الى المباراة لكن الحارس بيتراكيس وقف لكراتهم بالمرصاد ! شهد الربع ساعة الاول اصابة الجناح عباس حمادي ليحل اديسن بدلا عنه , غير ان ذلك لم يغير من نتيجة الشوط الاول ! في الشوط الثاني حاول عمو بابا تعديل النتيجة وتوفرت له فرصتان هرب فيهما من رقابة الدفاع اليوناني ولكنه ارسل الكرة فوق العارضة , ليعود تاومبليس ويسجل الهدف الثاني لفريقه لتنتهي المباراة بفوز اليونان 2-صفر !
العراق -ستيوابوخارست الروماني
في 14 يناير كانون الثاني وصلت بعثة فريق سي سي بوخارست الروماني الذي تغير اسمه في تلك السنة الى ستيوابوخارست والمؤلفة من (17) لاعبا الى بغداد لخوض عددا من اللقاءات الودية , قادما من دمشق التي فاز فيها على المنتخب العسكري السوري في ثلاث لقاءات , وضمت تشكيلة الفريق اربعة لاعبين من منتخب رومانيا الوطني !
واجه الرومان المنتخب العسكري بعد يومين من فوزهم على المنتخب الاهلي 4-صفر , وجرت المباراة على ملعب الكشافة بحضور 8 الاف متفرج يوم 21/1/1962 , وتالفت تشكيلة المنتخب العسكري للمباراة من حامد فوزي لحراسة المرمى , جمولي كابتن الفريق وجبار سبع وحسن بلة للدفاع , شامل فليح وحسين هاشم للوسط , كوركيس اسماعيل وقاسم زوية مع عمو بابا وعادل عبد الله ويورا للهجوم ,بدا المنتخب العراقي بداية قوية كالعادة ولكن سوء الحظ لازمه ليضع شامل فليح هدفا عكسيا في شباكه , غير ان الدقيقة 24 كانت شاهدا على مهارة عمو بابا الذي مرر الكرة متقنة لزميله قاسم محمود (زوية) الذي ارسلها الى المرمى محرزا هدف التعادل !
واذا كان هدف رومانيا الاول قد جاء من خطا فان الهدف الثاني ايضا تسبب فيه خطا الحارس عندما امسك الكرة وساقاه خارج منطقة الجزاء , ولكن الحكم غني عسكر الذي كان بعيدا جدا عن الحالة اطلق صافرته واحتسب ضربة حرة ضد الفريق العراقي , حتى دون الرجوع الى مراقب الخط الاقرب للحالة , من تلك الضربة الحرة تمكن المهاجم كارول كرينيسينو من اسكانها الشباك ليتقدم ستيوا من جديد في الدقيقة 27 !
في الشوط الثاني تغلب لاعبونا على حالة الانكسار التي اعقبت الهدف المشكوك في صحته , ففي الدقيقة 55 ومن مجهود فردي تخلص كوركيس اسماعيل من ثلاث مدافعين رومان واحرز اصابة التعادل , غير ان الرومان سرعان ما عادوا الى المقدمة بعد ثلاث دقائق ليحرزوا هدفهم الثالث الذي به انتهت احداث المباراة ! 3-2
تصفيات العالم العسكرية
بعد مباراة ستيوا , كان المنتخب العسكري على موعد مع مواجهة الخصم الثاني في المجموعة وهو منتخب سوريا العسكري في اول مواجهة عراقية سورية منذ انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 61 , وكانت سوريا قد استفادت من سنوات الوحدة في رفع مستوى الكرة السورية اضافة الى التعاقد مع عدد من المدربين من هنغاريا في اوائل الستينات , ومنهم المدرب ميكلوس فاداش الذي قدم مع الوفد السوري المؤلف من (25) شخصا الى بغداد , في الجانب الاخر كانت الجماهير العراقية شبه واثقة من تحقيق الفوز ! في الساعة الثالثة والنصف عصرا من يوم 23/2/1962 وعلى ملعب الكشافة انطلقت المباراة المرتقبة بحضور 15 الف متفرج , وقد نقل راديو وتلفزيون بغداد المباراة نقلا مباشرا كما نقلت اذاعة دمشق المباراة ايضا ! تالفت تشكيلة عادل بشير للمباراة من حامد فوزي لحراسة المرمى , جمولي الكابتن مع جبار سبع وحسن بلة للدفاع , حسين هاشم وشامل فليح للوسط , كوركيس اسماعيل وقاسم زوية مع عمو بابا وعادل عبد الله ويورا للهجوم !
بدا الفريق السوري المباراة بالهجوم منذ البداية , جابهه الهجوم العراقي بمحاولات افتقرت للانهاءات الصحيحة وشابتها الفردية والانانية المفرطة , في الدقيقة 19 استفاد الهجوم السوري من ظاهرة تمركز الظهيرين العراقيين على جانبي الجزاء لمراقبة المهاجمين السوريين ليتركوا منطقة العمق خالية للمهاجم السوري يوسف محمود الذي مرر الكرة لزميله افديس كولاكيان ليحرز الهدف الاول !
هذا الهدف لم يؤشر فقط الافضلية السورية ولكن ايضا اشر الى ضعف قراءة المباراة من الجانب العراقي , ليتمكن رجال المدرب فاداش من الاستمرار بالهجوم , لتشهد الدقيقة 22 الحارس حامد فوزي وهو يعيد الكرة الى وسط الملعب بعد ان اهتزت شباكه بالهدف السوري الثاني ! ليستمر بعد ذلك الاجتياح السوري للدفاع العراقي , لكن في الدقيقة 24 حصل الفريق العراقي على ركلة حرة على بعد 35 ياردة عن المرمى السوري استغل شامل فليح تقدم الحارس السوري عن مرماه ومظاهره الرياح ليلعبها طويلة تهادت الى داخل المرمى السوري معلنة الهدف العراقي الاول ! هذا الهدف اعطى منتخبنا الامل بالقدرة على العودة الى المباراة التي مضت بعد ذلك بين كر وفر , غير ان الجناح الايمن السوري موسى شماس استطاع ان يشق طريقه رغم مراقبة جبار سبع له ليمرر الكرة الى زميله ابراهيم المغربي الخالي من الرقابة ليحرز الهدف الثالث , وعندما سئل شماس عن تلك الفرصة بعد المباراة قال : (كانت لدي فرصة 2% للتسجيل في حين كانت الفرصة حوالي 80% لابراهيم لذلك قمت بتمرير الكرة له )
دخل السوريون الشوط الثاني بنشاط ملحوظ , في حين لجا الجانب العراقي الى الهجوم كليا بمبدا اكون او لا اكون , حيث شاغل عمو وعادل ويورا الظهيرين السوريين ولكن ذلك ترك فراغات في الخطوط الخلفية للفريق العراقي , ولم تمض الا ثلاث دقائق على الصافرة حتى تمكن ابراهيم مغربي من زيادة الغلة السورية بهدف رابع , وفي الدقيقة 58 قلل يورا الفارق بتسجيله الهدف العراقي الثاني لتصبح النتيجة 4-2 ! لكن المنتخب السوري استمر في افضليته وتسيده للمباراة واضاف هدفين اخرين لتنتهي المباراة بفوز سوريا 6-2 , ليقبع منتخبنا في ذيل المجموعة برصيد صفر من النقاط خلف المتصدر اليونان باربع نقط وسوريا بنقطتين ! وقد هاجمت الصحافة والجماهير اداء المنتخب العراقي في التصفيات واتهمت لاعبيه بانهم يلعبون بفردية وان روح الفريق الواحد غائبة عنهم تماما بعكس الضيف السوري الذي لعب لاعبوه وكانهم اسرة واحدة , وقد علق عمو بابا على ذلك قائلا : ان مهارات لاعبينا الفردية افضل من نظرائهم السوريين ولكن الفريق السوري ككل افضل من فريقنا بمراحل !
في اثينا وفي 14/3/1962 ودع العراق امل الوصول الى نهائيات بطولة العالم العسكرية بعد الخسارة امام اليونان 2-1 , وفي 11/5/1962 واجه منتخبنا العسكري نظيره السوري في اخر مباريات التصفيات والتي كانت بمثابة تحصيل حاصل , شهدت التشكيلة استدعاء عنصرين جديدين هما حارس المرمى انور مراد وخارج اليسار يوليوس ولسن الشهير بطرزان ولسن, والذي اطلق عليه زملاؤه هذا الاسم لصعوبة تلفظ اسمه , لاحقا ذهب طرزان الى الكويت للعمل في احدى شركات النفط ومات ميتة ماساوية بسقوطه من على (السكلة) من احدى البنايات قيد التشييد !
وصل الوفد العراقي الى دمشق بقيادة المدرب عادل بشير ومعه (15) لاعبا هم كاظم ياسين وانور مراد وكريم افندي ونوري ذياب وجبار سبع وجمولي وجليل شهاب وحسين جبر وحسين هاشم واديسن وشامل فليح ويوليوس ولسن وكوركيس اسماعيل وعمو بابا وعادل عبد الله , وفي تلك المباراة حصل العراق على نقطته الوحيدة في التصفيات بالتعادل بهدف لمثله سجله عادل عبد الله , لاحقا واصل متصدر المجموعة اليونان طريقه ليحرز لقب بطولة العالم العسكرية بعد الفوز على كوريا الجنوبية في المباراة النهائية !
العراق- البحرية البلغارية
في السادس من مايو ايار وقبل التوجه الى سوريا , خاض المنتخب العسكري مباراة ودية ضد فريق البحرية البلغاري الذي وصل الى بغداد قبل عدة ايام ! كان الفريق الضيف قد استهل الزيارة بمواجهة منتخب بغداد الاهلي والتعادل معه 1-1 وكانت تلك المباراة اول مباراة يقود فيها مدرب اجنبي منتخب بغداد الاهلي حيث تم تعيين المدرب الروماني كورنيل دراغوشين , والذي لم يستمر في مهمته اكثر من سنة , كذلك شهدت تلك الفترة تعيين مدرب اجنبي لكرة الميناء هو المدرب الدنماركي هانسن الذي قاد البصريين من عام 1961 وحتى 1963 !
في تلك المواجهة لم يجد المنتخب العسكري صعوبة في هزيمة الفريق البلغاري بنتيجة 5-صفر احرزها عادل عبد الله -هاتريك- و يورا وكوركيس اسماعيل !
اول مباراة دولية معترف بها للمنتخب العراقي
ذكرنا في حلقة سابقة ان الاتحاد العراقي كان يامل في رفع مستوى الكرة العراقية من خلال مقابلة الفرق الزائرة في بغداد , ولكن تلك الامنيات كانت تصطدم دوما بالحاجز المادي الكبير الذي تطلبه تلك المنتخبات والذي كان يشكل معضلة لاتحاد اللعبة , وبعد ثورة 14 تموز , ازداد الاهتمام بالرياضة وبكرة القدم خصوصا , وبدا اهتمام الهيئة الادارية الجديدة لاتحاد الكرة التي تولت المسؤولية بداية عام 61 كبيرا لاستقطاب منتخبات من اجل اللعب في بغداد او ان يذهب المنتخب العراقي بنفسه لمقابلتها ! ففي تلك الفترة ارسل الاتحاد العراقي رسائل الى الاتحادات الكروية في كل من يوغسلافيا وهنغاريا والنمسا واليونان يبلغهم فيها برغبته بزيارة ومواجهة منتخبات تلك الدول في شهر ايار مايس من عام 62 , واستعداده لدفع مبلغ (400) دينار عن كل مباراة يخوضها المنتخب العراقي مع المنتخبات الوطنية لتلك الدول على ان يتعهد الجانب المضيف بالتكفل بتكاليف الاقامة , كذلك يسري العرض بالاتجاه المعاكس اي في حالة حضور اي من تلك المنتخبات الى بغداد فان الجانب العراقي يدفع مبلغ 400 دينار مع تكفل العراق بالاقامة ! ولكن للاسف لم يتلق اتحاد الكرة اي ردود من تلك الاتحادات الاوربية ! العرض الوحيد الذي تلقاه اتحاد اللعبة كان من نظيره الايراني الذي عرض استضافة المنتخب العراقي في شهر نوفمبر تشرين الثاني من عام 61 ولكن انشغال الجانب العراقي بزيارة فريقي مالمو وسبارتاك ارجأ تلك الزيارة الى اواخر ايار مايس من العام التالي !
في الخامس والعشرين من ايار مايو 1962 سافر وفد المنتخب العراقي الذي راسه رئيس الاتحاد اديب نجيب وضم كلا من اسماعيل حمودي وفهمي القيمهقجي والمدرب عادل بشير اضافة الى (18) لاعبا منهم (7) من الفرق العسكرية و(11) من الاندية الاخرى , وكانت الاسماء المستدعاة قد تم تحديدها منذ موعد الزيارة الاولى الذي كان مقررا في شهر 11 عام 61 !
ضمت القائمة (6) لاعبين من فريق المصلحة هم : محمد ثامر -جبار رشك -خوشابا لاو -محمد عبد المجيد -البرت خوشابا -قيس حميد , وخمسة لاعبين من الشرطة : جبار محمد -كلبرت سامي -شامل طبرة -شاكر اسماعيل -ارميك صهكيان كما ضمت حسين هاشم واديسن ايشا ويورا من القوة الجوية , وانور مراد وجمولي وشامل فليح وكوركيس اسماعيل من الفرقة الثالثة ! فيما غاب عمو بابا بسبب العقوبة الاتحادية التي تعرض لها عقب مباراة فريقه ضد المصلحة في بطولة الدوري لموسم 61-62 , كذلك غاب عن التشكيلة لاعبو المنتخب العسكري قاسم زوية وكاظم ياسين وعادل عبد الله . وكان اللاعب البرت خوشابا اصغر لاعبي الفريق المغادر الى طهران سنا !
- 1/6/1962 :كانت المباراة ضد ايران اول مباراة دولية معترف بها من قبل الفيفا للعراق, تالفت تشكيلة المنتخب من محمد ثامر لحراسة المرمى , جمولي وجبار رشك وكلبرت سامي للدفاع , شامل فليح وخوشابا لاو للوسط , شامل طبرة ومحمد عبد المجيد وارميك صهكيان وشاكر اسماعيل ويورا للهجوم , قدم المنتخب العراقي مستوى جيدا وتقدم بهدف جمولي من ضربة جزاء وبقي متقدما حتى الدقيقة الاخيرة من المباراة التي نجحت فيها ايران من احراز هدف التعادل !
بعد يومين تقابل المنتخبان مجددا , واجرى المدرب عادل بشير تغييرا واحدا باشراك كوركيس اسماعيل بدل شامل طبرة في الهجوم , غير ان الشوط الاول انتهى بالتعادل السلبي من دون اهداف !
في مطلع الشوط الثاني اشرك المدرب اللاعب قيس حميد , لتشهد الدقيقة الثانية من الشوط الهدف العراقي الاول الذي احرزه شاكر اسماعيل , وفي الدقيقة الستين تمكن البديل الناجح قيس حميد من توسيع الفارق بتسجيله الهدف العراقي الثاني , في الدقيقة 74 قلل كابتن ايران برويز كوزاكناني الفارق بتسجيله الهدف الايراني الاول !
وفي الدقيقة 80 تعرض المدافع جبار رشك لاصابة بليغة في وجهه الذي غطته الدماء ولكنه رفض الخروج من الملعب وفضل اكمال الدقائق المتبقية في شجاعة نادرة ,وشهدت الدقائق القاتلة تعالي صيحات الجمهور الايراني الذي قدر ب 10 الاف متفرج , عندما ارسل المهاجم الايراني كرته التي تجاوزت الحارس محمد ثامر ولم يجد شامل فليح طريقة لابعادها الا بيده ليحصل الفريق الايراني على ركلة جزاء اطاح بها اللاعب الايراني فوق المرمى لتنتهي المباراة بتحقيق اول فوز عراقي في مباراة دولية !
تمت
الحلقات السابقة