قصة تأسيس النادي الفيصلي

مع بزوغ شمس شهر أغسطس من العام 1932م تلاقى الصديقان ناظم قردن ورياض الجقة اللذان جمعتهما المدرسة وحب التطوع والأفكار الخلاقة المبدعة وقيم العمل والتضحية للوطن الذي لمسا لحظات تأسيسه في صغرهما، ليبدأ العمل على تأسيس فرقة كشفية تحمل أسم " كشافة النادي الفيصلي" تيمنًا بالعهد الفيصلي خلال فترة تولي الملك فيصل الحكم في العراق.


جاءت انطلاقة " كشافة النادي الفيصلي" في فترة كانت فيها بلاد الشام تحت وطأة الانتداب الفرنسي البريطاني وكان عنوانها كبت الحريات والتضييق على النشاطات الشبابية والفعاليات الشعبية، لتأتي فكرة الفيصلي لرفض الانتداب والعمل على رفع الوعي السياسي لدى الشباب الأردني لقد حملت وثيقة تأسيس كشافة النادي الفيصلي خمسة أسماء هم: ناظم قردن، رياض الجقة، دولة بهجت التلهوني، عبدالسلام إبراهيم وقاسم الرفاعي لتأسيس أول فرقة كشافة أهلية لممارسة نشاطات متعددة.

سرعان ما تضاعف عدد أعضاء الفرقة الكشفية إلى أربعة عشر شخصاً ليكونوا نواة الفرقة الكشفية بقيادة الكشاف أنطوان باسيل بعد الانضمام إلى أسرة الكشافة المسلم في بيروت، لكن لم تكن فكرة الكشافة فكرة جاذبة للعمال والموظفين في ذلك الوقت بسبب طبيعة اللباس الذي لا يتناسب وعادة المجتمع في ذلك الوقت فتنبهت الكشافة لذلك وقررت تغيير اللباس ليتحول لبنطال طويل، وبعد ذلك بدأ عدد المنتسبين يتزايد بشكل أسرع.

ومع مرور الزمان بدأت كشافة النادي الفيصلي بزيادة نشاطاتها فبدأت بممارسة عدة رياضات مثل المصارعة الرومانية، رفع الأثقال، الجمباز، بناء الأجسام بالإضافة لألعاب الخفة والاستمرار في العمل الاجتماعي، ويروي السيد ناظم قردن أحد المواقف في بدايات التأسيس عندما كانت الفرقة الكشفية تتدرب في إحدى الليالي لتقف بجانبهم سيارة وترجل منها سائقها ليخاطبه : " كلم مولانا" ليقترب من السيارة ويجد أن من يجلس بها هو الأمير عبدالله بن الحسين ليبادر الأمير بالسؤال: إلى أي الأندية تلعبون، ليجيب السيد ناظم " كشافة الفيصلي، سيدي" ومن ثم دعا سمو الأمير لهم بالتوفيق وأن يصبحوا حماةً للوطن وأن يحملوا البنادق بدلاً من العصا.
وفي العام 1935 بادر مجموعة من الشباب المتحمسين كانوا يحملون اسم فريق الأشبال بطلب تشكيل فرق كرة قدم يحمل اسم النادي الفيصلي ليحصل ذلك على إجماع من مجلس الإدارة، ولينطلق الشباب لممارسة الرياضة التي تسيدها الزعيم منذ ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر، وكانت تقام مباريات ودية تجمع النادي الفيصلي بمواجهة الفرق المدرسية والشعبية لغياب الأندية المشابهة.
في العام 1939 ومع استمرار الانتداب البريطاني على إمارة شرق الأردن ومع محاولة التصدي إلى المحاولات الشعبية التي من شأنها رفض الانتداب عملوا على تشويه صورة كشافة النادي الفيصلي واتهموا القائمين عليها بأن نشاطاتهم قد تخل بأمن الإمارة، ليصدر قرار بإغلاق النادي الفيصلي وما هذا إلا دليل قاطع أن النادي الفيصلي ليس مجرد نادي كرة قدم إنما مؤسسة أردنية قدمت لوطنها ومنذ تأسيسها وما زالت مدرسة في الوطنية والدفاع عن الأردن.
ولم يثن قرار الإغلاق عزيمة أبناء الفيصلي ولم تلين عزائمهم بل استمروا بالعمل ليصار تشكيل لجنة إدارية يترأسها دولة سليمان النابلسي وضمت في عضويتها السادة: زهدي عصفور، خليل عصفور، محمد كمال الجقة، عادل الجقة، سليم عوض وتكون مهمة هذه اللجنة متابعة شؤون النادي ابتداءً من جمع التبرعات المادية والعمل على إعادة عمل النادي وجابوا في تلك الفترة مختلف محافظات المملكة بهدف إنجاح فكرتهم ليتحقق ذلك.
تقدمت اللجنة بوثيقة تأسيس جديدة تحمل اسم النادي الفيصلي وحملت أسماء السادة: زهدي عصفور، عادل الجقة، سليم عوض، محمد الصمادي، عبدالكريم عصفور، جمال أبز عزام، رشاد المفتي، أنطون البند، زهير عبدالهادي. ليبدأ العمل على بناء مقر جديد للنادي الفيصلي لتتقدم اللجنة بفكرة طرح يانصيب خيري في العام 1941 ليتم جمع مبلغ 3700 دينار ليكون مبلغاً كافياً لشراء قطعة أرض في منطقة جبل عمان بجوار الكلية العلمية الإسلامية لتنطلق مسيرة النادي الفيصلي على المستوى المحلي والقاري ولتكن قصة تأسيس النادي الفيصلي درساً في التفاني والإخلاص لمن حملوا الفكرة وكان ثباتهم على الاستمرار أقوى من كل الظروف المحيطة لتتشكل هوية نادي بني في أحلك الظروف وتجاوز الصعاب ولم تمنعه المعيقات يوماً عن تسطير الإنجازات وعن إيصال رسالته السامية وما زالت قلعة النسور تشرع أبوابها أمام أبناء الوطن على امتداده الجغرافي لتشكل هذه الفسيفساء الكبيرة صورة النادي الفيصلي وهويته