عندما نتنقل بين صفحات المنتديات والصحف ، وعندما نعيش نقاشات بين المشجعين في كل مكان ، بالمقاهي وبالملاعب وفي كل مكان يلفت إنتباهنا عدة أمور ولعلنا نركز على السلبي منها وما أكثر سلبيات نقاش هذا الوقت فما أحوجنا لبعض التعقل المنطقية والإبتعاد عن العاطفة في نقاشاتنا ،نحتاج للإبتعاد عن التعصب الأعمى الذي يقتل متعة وروعة أي حوار ونقاش رياضي في أي قضية كانت ، ومن أبرز هذه السلبيات والتي أراها الأكثر بشاعة هي ما يمكن أن نطلق عليه "النظر لنصف الكوب الفارغ" إن حاولنا التوضيح أكثر فسنتحدث با يعقله الجميع وما يعرفه الكل ولنقل على سبيل المثال أن غالبية متابعي الكرة الإيطالية يقللون من قيمة وقوة وحجم فريق كالسيدة العجوز ويعتبرونه فريقا غير جدير بالمركز الذي يشغله ولكن لنقف قليلا هنا ونضع النقاط على الحروف فما يقال هو كلام مُبهم بلا معنى ولا قيمة ! أصحاب هذا الرأي نظروا لنصف الكوب الفارغ ونسوا أم تناسو النصف الآخر الممتلئ ، ألم يعلموا أن الفريق منذ موسم فقط مر بظروف صعبة بل قاسية بل أكثر من ذلك ؟ ألم يدركوا أن فريقا بتعاقدات دون المستوى وسيولة لم تعد كما كانت ومستوى لاعبين اقل مما كان عليه قبل سنوات يقدم أكثر مما هو متوقع منه قبل بداية الموسم ؟ ألا يدركون أن النادي الذي يهبط لدرجة أدنى ومهما كانت الاسباب لن يعود قريباً وان عاد فلن يعود كما كان ؟ الا اليوفي الذي عاد وبقوة وبكل ما أوتي من قوة .
النصف الآخر من هذا الكأس هو أن اليوفي وسط هذه الظروف وما يقدمه الان وترتيبه الحالي بالجدول لا يدل إلا على أمر واحد فقط وهو أنها عقلية الكبار وشخصية فريق بطل لا يعرف لليأس طريقاً ولا يعتبر الظروف الصعبة والقاسية أمرا يمكنه أن يوقفه عن هدفه وعن المنافسة على الألقاب . ألا ترون أن هذا الجانب هو نصف كوب ممتلئ ؟
وبالحديث مرة أخرى عن فريق آخر ضرب بمعطيات الكرة عرض الحائط وقلل من قيمة وقوة معادلة تقول ان كرة القدم علم غير صحيح وانها رياضة قابلة لكل التوقعات والنتائج ، انه الفريق الكتلوني برشلونة الذي أمسى ضعيفا خاسرا لكل لقب لعب لأجله وأصبح فريقا لا يشق له غبار ، الشريحة التي تعتبر الفريق خدمته الظروف كغياب المنافس الحقيقي وعدم مواجهته لفرق قوية وكبيرة وبرأيي أراها حججاً واهية لا أكثر إضافة الى قلة تعتبره يتألق بمساعدة التحكيم والحظ والتي أشفق عليها تماما وأراها فئة تكاد تموت غيضاً في كل هدف يسجله الكتلان في خصمهم ، ألا يدرك هؤلاء أن الجزء الفارغ من الكوب والذي يتشدقون به لا يقارن بما هو ممتلئ ؟ فريق في طور التحديث والتغيير والبناء بلاعبين شباب مدرب شاب كل ماكان مطلوب منهم أن يقفوا وقفة صحيحة ويجهزوا أنفسهم للمنافسة في سنوات لاحقة إلا أنهم جعلوا من ذلك ماض لن يعود وبدأ الطوفان يجرف كل من قابله وينافس على جبهات ثلاث بكل اقتدار وثبات ، بالرغم من كل هذه الظروف ووضعية الفريق ومستواه في العامين الأخيرين مقارنة بمستواه الحالي وكرة القدم الرائعة التي يقدمها والأهداف بكل الاشكال والألوان والطرق ووصول الفريق لنسب سيطرة على الكرة في بطولة الليغا أو دوري الابطال تتجاوز الـ 70 % !! ألا يعتبر ذلك أمرا يستحق أن نقف عنده ونعطي التحية لهذه التوليفة الرائعة من اللاعبين وما يقدمونه من أداء مثالي ؟ هو نصف ممتلئ لا يراه الا الحاقد على النادي والفريق لا أكثر أما بالمنطق والعقل البشري وبقليل من التروي بالتفكير نرى أن الكوب يكاد يمتلء بأكمله
جدير بأن أذكره في مساحتي هذه هو تفوق فرق نجلترا على الصعيد الأوروبي ، إذا نظرنا للأمر من نفس المنظار الذي رصدنا به حالة اليوفي وبرشلونة لن يختلف الأمر ، تبقى مسألة طرق الانجليز بالتعاقدات وألزاد البشري لفرقهم وما الى ذلك أمور تستحق الذكر ولكن إن حكمنا المنطق فلا يمكن أن ننكر أن هذه الفرق كانت الأفضل بغض النظر عن الكيف والمتى ولماذا ! كانت الافضل واستحقت ذلك بغض النظر عن قوام لاعبيها المحليين أو اسعار لاعبيها المحترفين أو سياستها في جذب اللاعب للإلتحاق بصفوفها كالإغراء المادي .
في النهاية تبقى سياسة النظر لنصف الكوب الفارغ أمر مشين وغير عقلاني وربما يصل به الأمر ليكون تعصبا أو هروب من الواقع ، واقع يقول أن منافسك أفضل منك حاليا فاعترف بذلك .
والسؤال هنا : لماذا يتمسكون بهواء النصف الفارغ ولا يلحظون النصف الممتلئ بماء نقي بارد يروي عطش المتابع للمجنونة الساحرة ؟ |