تحية طيبة للجميع .
في سنين الطفولة كان جدي رحمة الله عليه حين نزعجه يستخدم حيلة لإلهائنا ، فكان يقوم بعمل مسابقة لنا من أجل تحييرنا ، حيث كان يسألنا " مين إجا أول ، البيضة أم الجاجة " و كان يطلب منا التفكير في السؤال حتى الغد ، و بحكم طفولتنا كنا ننخدع و نحاول الإجابة عن هذا السوؤال بدون فائدة .
السؤال هنا لا حل له ، كحال بعض النقاشات الكروية الغير منتهية " مثل من أفضل و من أجمل ، و فلان أفضل من علان " ، فالبعض يرى البرازيل سيدة الكرة و ملكتها ، و الآخر يرى الارجنتين هي الأفضل و كلا الطرفين سيظلا في جدال أبدي لن ينتهي إلا في حالة رحيل المناقشين لمثواهم الأخير .
نقاشات كهذه ضررها أكثر من نفعها ، فستضيع ساعات طويلة من وقتك و انت تحاول أن تقنع الطرف الآخر بما لديك ، لكن محاولتك ستذهب هباءاً منثوراً ، كون كلا الطرفين مصر على إعتماد رأيه ، و لن يصلا لنقطة تلاقي ، فهما يركبان قطارين يسيران في خطين متوازيين .
لكن ما يزيد ذلك الأمر بشاعة ، محاولة الإستنقاص من قيمة الآخر بسبب أرائه ، فكارهي إيطالي على سبيل المثال ، يظنون ان مشجعي الأتزوري مملين بطبعهم كونهم يعشقون منتخباً يلعب بتكتيك مغلق ، و كارهي البرازيل يرون أن عشاق هذا المنتخب يعشقون مشاهدة التهريج و المهرجين ، كونهم يحبون لاعبين مهاريين .
هذه القناعات تقود المرء لإستنقاص الأشخاص الذين يرى أنهم يمتلكون قناعات مختلفة عن قناعاتهم ، و بالتالي هذا الأمر ينعكس سلباً على العلاقة التي من المفروض أن يسودها الإحترام المتبادل ، فتجد العلاقة تتحول لعلاقة بغض و كره ، مما يؤدي إلى تقوقع كل شخص في المجتمع الفكري الذي يناسبه و بالتالي يستمر في قناعاته و يستمر الغشاء المتواجد على عينه في منعه من توسيع أفاقه .
هذا الأمر نلمسه كثيراً هنا في المنتديات ، فتجد بعض المدريديستا على سبيل المثال يكره كل برشلوني في المنتدى ، و تجد الإنتراوي يريد أن يضرب كل ميلاني أمامه ، و تجد البرازيلي ينتظر خصمه الارجنتيني على زلة حتى يضحك عليه ، و هذا الأمر أدى لعلاقة كره كبيرة بين الأعضاء ، فتجد الكثير من الأعضاء محتفظين بالبعض من قناعاتهم رغم أنهم يظنون أحياناً أنها مخالفة للواقع نكاية بالعضو الذي يناقشونه .
بالتالي تتحول النقاشات إلى نقاشات عقيمة غير منتهية كإجابة سؤال : " من أتى أولاً ، البيضة أم الدجاجة " ، و ما يؤدي إلى عكوف البعض عن خوض مثل هذه النقاشات كونها تحولت لجدال أكثر منه نقاش و تقوقعهم و بقائهم في صحف أنديتهم و هو ما يؤثر سلباً على العلاقة بين الطرفين ، و تجد البعض الآخر يصر على الدخول في مثل هذه النقاشات الطفولية الغير منتهية .
و بالتالي تؤدي إلى قطع الصلة بين الطرفين ، و عدم دخول أي طرف مع الثاني مستقبلاً في نقاش ما ، حتى لو كان محور النقاش عقلاني و يستحق فعلاً النقاش من أجله .
|