أن نسمع بخبر مفاده أن قناة ما قد امتلكت حقوق بث بطولة رياضية ما بشكل حصري مما قد يمنع الملايين الذين لا يملكون ما يخولهم من مال للاشتراك بتلك القناة فذلك أمر قد بات مألوفا لدى الجميع فكابوس التشفير ألقى بظلاله مؤخرا على جميع البطولات تقريبا ولم يعد مجديا اللهث بحثا عن قناة مفتوحة رسمية كانت أو لم تكن قد يتمكن من خلالها أولائك المحرومين من مشاهدة رياضتهم المفضلة أو بالأحرى متنفسهم الوحيد .
مبدأ أن ندفع لكي نشاهد تماما كما ندفع لكي نأكل , بات مقنعا لدى الجميع بحكم تلك البيانات التي ما فتئ أرباب تلك القنوات من تقديمها دفاعا عن مبدأهم ذلك بحجة الأموال التي ينفقها هؤلاء من أجل امتلاك حقوق البث تلك , حتى أنهم باتوا يمنوا على المتابعين بأنه ولولا ما يبذلونه من جهد وما ينفقونه من مال لما تمكنا من مشاهدة رياضاتنا المفضلة في عصر لم يعد يتحدث إلا بلغة المال .
لكن كابوس التشفير لم يتوقف عند حرمان المشاهد من حق المشاهدة فآخر الصرعات المبتدعة هي تشفير الكلمة أو بمعنى آخر باتت حروف اللغة العربية لها ثمنها عليك أن تدفع أولا قبل استخدامك لأي حرف من الحروف , الأمر ليس نكتة كما قد يظن البعض فذلك ما تبنته المجلة الإماراتية ( سوبر ) من خلال شرائها لحق الكلام في كأس الخليج القادمة والتي ستستضيفها دولة الإمارات الشقيقة , فكما جاء على لسان المسئول الأول في تلك المجلة بأن مجلة سوبر الإماراتية هي الوحيدة التي تملك الحق في تغطية وقائع تلك البطولة من خلال تواجدها حصريا في المقصورة الرسمية والأماكن الخاصة بالصحفيين في تلك البطولة !
حتى أنه يمنع منعا باتا تواجد أي صحفي يمثل صحيفة أو مجلة عربية أخرى في أي مكان من تلك الأماكن الخاصة بالصحفيين والمكان الوحيد الذي يسمح لهم بالتواجد فيه هو المدرجات حالهم حال مشجعين منتخبات تلك البطولة , الأمر لن يقتصر على ذلك فمن ضمن حقوق الكلمة التي دفعت ثمنها سوبر يمنع منعا باتا تواجد أي صحيفة أو مجلة عربية أخرى في أمكان إقامة لاعبي البطولة , مما يعني أن اللاعبين سيحرموا من حق متابعة الرأي العام في بلدانهم من خلال أدائهم الذي سيكون خلال البطولة !
المضحك في الأمر أن المسئول الأول عن مجلة سوبر مقتنع تماما بالفكرة ويدعي بأنها فكرة رائدة في هذا المجال وستكون ذات فوائد جمة على المجلة بشكل خاص والرياضة بشكل عام من حيث التسويق والفوائد الاقتصادية المنتظرة , ما قد نفهمه الفائدة التي ستتحقق للمجلة المحتكرة لكن السؤال الذي يطرح نفسه عن أي فائدة عامة للرياضة يتحدث ؟
ما هي إلا أيام وتنطلق بطولة كأس الخليج بعد طول انتظار لذلك من أراد الحديث عن هذه البطولة عليه أن يباشر في ذلك قبل انطلاق البطولة أو أن ينتظر انتهائها , فكل ما نخشاه أن يصل( الجشع )أو الطموح كما يدعي ذلك المسئول أن لا تكتفي المجلة بتلك الحقوق بل أن تدفع أكثر لرعاة البطولة لتمتلك جميع حروف اللغة العربية خلال أيام تلك البطولة مما قد يجبر الجميع بالتزام الصمت التام والاكتفاء بقراءة سوبر الإماراتية !
بقلم / مهيب حبايب