
ما زلت اذكر افتتاني بخيال شاعرنا الكبير نزار قباني حين كتب قصيدته المشهورة
رسالة من تحت الماء والتي ابدع العندليب في غنائها
الا ان ما جال في خاطري وما زال لهذه اللحظة هو رغبته في ارسال رسالته من تحت الماء
فتجدني اتساءل ..
هل اراد ان تصل رسالته بطريقة مستحيلة ؟!
ام انه كان خائفا" ويائسا" من برود معشوقه ولامبالاته فآثر ارسالها بطريقة يوقن من خلالها
ان رسالته لن تصل ابدا" مع انه ارسلها فعليا" ..
اذن فما جدوى تلك الرسالة .. ؟
ومالذي جناه من ارسالها واثلج صدره ..؟
لقد بات حال حاملي الاقلام والافكار وحتى الآمال شبيها" الى حد كبير بحال شاعرنا
وكما قيل :
فما فائدة القلم ان لم يفتح فكرا" .. أو يضمد جرحا" .. أو يمسح دمعة .. أو يطهر قلبا"
أو يكشف زيفا" .. أو يبني صرحا" يسعد الانسان في ضلاله !!!
لقد فقدت الكلمة قوتها وتأثيرها في زمن اللامبالاة والتعنت والجمود
وافرغت كل الرسائل من مضمونها حين اصطدمت بالعند والعنجهية والمغالطة والتفنن
في التنظير ومجانبة الصواب فباتت مستحيلة الوصول
وكأنها لا ترسل الا من تحت الماء
وانا كغيري من مشجعي كرة القدم الاردنية ارى الرسائل جميعها باتت كرسائل شاعرنا
فما بال كل ما كتبة المعنيين بكرة القدم يتبخر ويذهب ادراج الرياح ، حتى قبل ان يستوعبه
صاحب القرار ؟!
ترى كم من السنوات نحتاج لنرى هذه الرسائل قد اخذت حقها من الاكتراث او الاهتمام الحقيقي ؟!
كتبنا لاتحادنا وطريقته البدائية في ادارة كرة القدم الاردنية
واخطاء لجانه المختلفة في التعامل مع الاحتراف بكافة جوانبه
طلبنا ان يسير موسم كروي كما هو على الورق
طلبنا ان يتعامل الاتحاد مع جميع الفرق على سوية واحده
طلبنا ان يفي بتعهداته الشحيحة الى الاندية بوقتها
كتبنا .. طلبنا .. تمنينا
ولكن لا حياة لمن تنادي !
كتبنا عن منشئاتنا الرياضية ، ونوهنا بأننا لا نريد مقارنة انفسنا بدول الخليج او حتى بعض الدول
العربية والاسيوية ، وما زلنا نكتفي بقراءة ما كتبناه لهذه اللحظة
وما زالت انديتنا ولاعبينا وجماهيرنا تعاني من هذه المنشئات على مدار الموسم الكروي
فهل من قائل ان الرسالة قد وصلت في ظل وجود ملاعب تفتقد لابسط مقومات ملاعب كرة القدم
ملاعب ابعدت الكثير من عشاق المستديره عن حضور المباريات
لافتقارها لابسط مقومات الراحه التي يجب ان تتوفر لجماهير كرة القدم
تفننا وابدعنا وما زلنا
في تعداد مساوىء الاحتراف
وكتبنا انه بمستواه بعد هذه السنوات لم ولن يرقى الى ادنى ما يجب ان يصل اليه ليكون احترفا"
حقيقيا" .. منصفا" وليس مجرد حبر على ورق
فيكون للاعبين متعة وانتماء بعد الهواية ، يرتقي بمستواهم ويؤمن لهم عيشا" كريما"
لا ان يصبحوا تجار يتخبطون في تجارتهم ..
يلهثون وراء الدولارات غير مكترثين بمستوى النادي الذي سيلعبون له
من اجل حفنة من الدولارات ربما لا تزيد عن بضعة الاف زيادة عما قدم له النادي الذي كان له
الفضل في ظهور هذا اللاعب ..
كتبنا عن انديتنا وعن طريقة ادارتها وافتقادها لابسط طرق ادارة نادي كرة قدم
وعاتبناها لانها اوصلت نفسها الى هذه الحالة بعد ان وافقت على تطبيق الاحتراف بهذه
الكيفية حتى باتت صناديقها خاوية ..
وطلبنا من رؤساء انديتنا ان يجتمعوا ويكون لهم دور فاعل بالتعاون مع الاتحاد
سألناهم عن خططهم للتسويق وعن كيفية تأمين دخل قد يكون المنقذ لهم
متى ستفهم انديتنا ان اعبائها المالية ستبقى حجر عثرة لاي انجاز حقيقي
لكرة القدم الاردنية ؟!!!
ولكن يبدو ان صراخ الكراسي التي يجلسون عليها
كان اقوى بكثير من اصواتنا !
ثم كتبنا للشركات والمؤسسات ليكون لها دورا" في انتشال انديتنا من الضائقة التي وصلوا
اليها حتى لا يبقى احترافنا مجرد رسالة على الورق
طلبنا منهم ان يكون لرياضة كرة القدم نصيب من برنامجهم الدعائي
فلم نجد آذان صاغية
الا من احدى المؤسسات الكبيره والمعروفه لنا جميعا"
حتى لا نبخسها حقها .. فلها كل الشكر والتقدير
اما الباقي .. وما اكثرها
فلم نجد منها ادنى اكثراث !
ثم كتبنا الرسالة تلو الاخرى لجماهير كرة القدم الاردنية
كتبنا لهم عن احترام الخصم والاعتراف بانجازاته
كتبنا لهم ان كرة القدم فوز وخسارة وتعادل
كتبنا لهم ان الحكم بشر قد يخطيء دون قصد كما يحدث في جميع دوريات العالم
كتبنا لهم ان كرة القدم وجدت للمتعة والالفة بين الشعوب
ولم توجد للعصبية المقيته
كتبنا الكثير الكثير عن الروح الرياضية
كلها رسائل .. كتبناها وقرأناها
ترى .. لو وصلت بعض هذه الرسائل
هل سيبقى الواقع الكروي في الاردن مريرا" ومثيرا" للشفقة ؟!
هل سنبقى نتأمل انجاز كروي اردني لن يحدث !
حين يخضع كل ما ذكرت الى تقييم شااااامل
ونتغلب على جميع المشاكل
ونتحرر من الواسطة والمحسوبية
اعتقد حينها ان اقلامنا قد جنت الفائدة .. ورسائلنا لم ترسل من تحت الماء
وانها ستصل فعلا"
قبل ان
نغرق ونغرق ونغرق ..