يستلهم المنتخب الوطني الأردني حرارة جمهوره الحميم و يطلب "90 دقيقة من التفوق على الذات" عندما يستضيف الساموراي الياباني القدير في جولة حاسمة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2014 في البرازيل بعد اقل من اسبوعين. وعلى الرغم من ان منتخب النشامى يتذيل فرق المجموعة باربع نقاط الا ان فوزا مفاجئا على أبطال آسيا في ملعب القويسمة بعمّان سيغير من وجه المجموعة و يفتح باب الحلم و الأمل على مصراعيه.
ولم يحسن المنتخب الأردني الذي يقوده المدرب العراقي عدنان حمد ركوب موجة الفوز التاريخي الذي حققه على استراليا على نفس الملعب قبل ثلاث جولات فخسر أمام شقيقه العماني الذي لم يكن في أفضل حالاته في مسقط 1-2 ثم سقط مجددا أمام العراق الشقيق الذي جدد جلده بالكامل في الدوحة بهدف للاشيء. ورغم حالة عدم الاستقرار التي عاشها المنتخب العراقي آنذاك و المشاكل الكثيرة بين الاتحاد العراقي و مدرب المنتخب زيكو (الذي ترك المنتخب العراقي مباشرة بعد تلك المباراة) الا ان المنتخب الأردني لم يفلح في ترجمة تفوقه الميداني و لا فرق الخبرة و التجانس الكبيرين لمصلحته امام منتخب عراقي شاب فخسر اندفاعة مد الفوز على استراليا ووضع نفسه على حد سيف الساموراي الذي لا يرحم.
واذا فاز الأردن على اليابان فيسعدل النشامى ميزان مباريات الفريقين في الوقت المناسب. فقبل هذه التصفيات كانت نتائج الاردن امام اليابان رائعه، اذ تعادلا في كوالالمبور في تصفيات امم اسيا 1988 بهدف لمثله (سجل للأردن إبراهيم سعدية) و تأهلت اليابان للنهائيات بفارق الأهداف على حساب الأردن بالذات. و تكررت النتيجة في امم اسيا 2004 بالصين(سجل للأردن محمود شلباية) بعد ان قدم الأردن احدى افضل مبارياته في التاريخ وفازت اليابان بعد جولة ضربات ترجيح تاريخية، وتكررت ذات النتيجة 1-1 في قطر 2011 عندما عادلت اليابان هدف حسن عبد الفتاح في الزفير الأخير و ذهبت بعدها لتنال اللقب الآسيوي. الا ان لقاء الذهاب في التصفيات الحالية حطم هذا السجل المتكافئ بعد ان سجلت اليابان فوزا ساحقا بسته أهداف دون رد في "ليلة سوداء في سايتاما" يحاول مشجعو النشامى ان لا يفكروا فيها طويلا.
وبالنظر الى موقف المجموعه فاليابان تحتاج فوزا واحدا (او اقل) للعبور رسميا الى البرازيل و سيحاول ابناء زاكيروني انهاء المهمة من عمّان فيما تتشارك ثلاثة منتخبات في المركز الثاني هي العراق و استراليا و عمان بخمسة نقاط مع افضلية للكنغر الاسترالي الذي لعب مباراة اقل و لديه ثلاثه لقاءات على أرضه. و نظريا فالمنتخب الأردني (برصيد 4 نقاط) لا زال منافسا بقوة على بطاقة الصعود الثانية المباشرة و يمتلك كافة الحظوظ للصراع على المركز الثالث المؤهل الى ملحق صعب مع خامس امريكا الجنوبية، ويتبقى له بعد معركة القويسمة لقاء استراليا على ارضها قبل ان يستضيف الشقيق العماني في عمّان.
ولا يسود التفاؤل اوساط جماهير المنتخب الوطني الأردني غداة إعلان المدير الفني للأسماء المستدعاة للقاء اليابان اذ عجّت القائمة باللاعبين غير الجاهزين و على رأسهم حارس المرمى الأمين عامر شفيع الذي اصيب في الدوري المحلي و لم يلعب منذ ذلك الحين ويحاول الجهاز الطبي تجهيزه في صراع مع الوقت. و لم يظهر نجما الفريق حسن عبد الفتاح و خليل بني عطية بأفضل حالاتهما مع فرقهما اذ لا زالا يتعافيان من اصاباتهما، فيما استبعد حمد لاعب غازميثان الروماني ثائر البواب رغم تألقه الواضح في اوروبا و اعتمد على ذات الأسماء التي يرتاح اليها رغم انخفاض مستوى الكثير منهم امثال عامر ذيب و ابراهيم الزواهرة و محمد منير. فيما لا يتوقع ان يحظى لاعبون بارزون سطعوا مؤخرا مثل مصعب اللحام و ياسين البخيت بفرصة حقيقية أمام الأزرق الياباني المهيب، لما عرف عن حمد من تحفظه الكبير و خوفه من المغامرة رغم ان خسارة هذه المباراة قد يعني انحسار آمال النشامى الى أدنى حد ممكن. وقد تكون هذه المباراة هي الرسمية الأخيرة لحمد مع النشامى اذ ينتهي عقده قريبا ولعل نتيجتها ستحدد الى درجة كبيرة توجهات الإتحاد الأردني لكرة القدم في قادم المواعيد.
هي إذن مباراة من أصعب نوع ممكن ضد أقوى خصم في القارة فهل يجد النشامى الإلهام الكافي من جماهيرهم الوفيه التي طالما دفعت بهم الى شواطئ الإنجاز و هل سيقدم رفاق أحمد هايل "90 دقيقة عبقرية" أمام فريق في غاية التنظيم و القوة؟ هي فرصة غالية لدخول التاريخ من أوسع أبوابه اذا تمسك اللاعبون بفرصهم و قاتلوا حتى الزفير الأخير على أرضهم و تحت دوي حناجر ابناء بلدهم.
كل أمنيات التوفيق لمنتخبنا الغالي و كما قال الشاعر الكبير محمود درويش عن الحب و الحياة: "هي صعبة... وحلوها انها ممكنة!"