أندية دوري كرة القدم لموسم 74 – 1975 وكيف تم إختيارها ؟

وردتني رسالة من أحد الأخوة يقول فيها إنه قرأ إن الدوري العراقي لكرة القدم لموسم 74 – 1975 قد شهد تغييرا جذريا كبيرا غير مسار كرة القدم العراقية , ويرجو إن كان بالأمكان التحدث عن ذلك بإسهاب وإستفاضة لأنه لم يعش ذلك الحدث لأنه لم يكن مولودا في الدنيا وقتها , للأخ الكريم سأحاول جاهدا التحدث في هذا الموضوع الواسع مع الأخذ بنظر الإعتبار نقطتين هامتين , الأولى إنني سأتحدث عبر منتدى الكرة العراقية بدلا من إرسال رسالة خاصة لك , لتعميم الفائدة , ولكي يعلم آخرون أحداث تلك الفترة ممن لم يعايشوا تلك الأحداث وقتها , والثانية هي أنني مريض في الوقت الحاضر لذا يتعذر علي الوصول الى صحف تلك الفترة وأوراقي الكثيرة عنها وسأتحدث من الذاكرة التي أزعم إنها ما زالت جيدة وتؤدي دورها في هذا الموضوع خصوصا أنني سبق أن كتبت موضوعا مقاربا لما سأتحدث به الآن ونشر في مجلة الرشيد عدد تشرين الأول 1991 لمناسبة بدء الدوري حينذاك , فلنتوكل على الله وهو خير المتوكلين .

طالعتنا صحف يوم العشرين من آب سنة 1974 بخبر موحد في جميع الصحف نشرته وكالة الأنباء العراقية هو خبر رياضي مثير غير الرياضة العراقية الى الأبد فما هو هذا القرار ؟

أجتمع الإتحاد العراقي لكرة القدم في الثامن عشر من آب وإتخذ قرارا تاريخيا غير في الشكل على الأقل خريطة دوري كرة القدم العراقية من جذورها فقد كان الإتحاد قبل ذلك التاريخ حاله كحال الإتحادات الرياضية العراقية تقوم نشاطاتها بمعظمها على فرق تابعة لمؤسسات الدولة المختلفة مع نسبة قليلة جدا تقوم على الأندية الرياضية , فقرر الإتحاد في إجتماعه المذكور إلغاء هذه الفرق وإقامة بطولة الدوري على صعيد الأندية كما هو معمول في جميع أنحاء العالم , ولكن أين هذه الأندية وكما قلنا كانت نشاطات الإتحاد السابقة تقوم أكثرها على فرق المؤسسات الحكومية وماذا يفعل الإتحاد إزاء ذلك ؟ وكان الحل غير قانوني من ناحية تشكيل هذه الأندية فالإتحاد قام بتشكيل مجموعة من الأندية الصورية أو الوهمية لتنفيذ قراره , فمن المعلوم إن تشكيل أي ناد يتطلب مجموعة من الخطوات القانونية منها بإختصار أن تقوم مجموعة من الأفراد بطلب الى الجهة الرسمية الخاصة بإجازة وتشكيل الأندية كانت في العراق في الخمسينيات والستينيات وزارة الداخلية هي من تقوم بهذه المهمة ثم لوزارة التربية ثم أصبحت وزارة الشباب بعد تشكيلها عام 1967 هي من تقوم بذلك لغاية عام 1986 حيث إستلمت اللجنة الأولمبية العراقية زمام الأمور وأخذت على عاتقها هذه المهمة وبعد ما حدث عام 2003 وتشكيل وزارة الشباب من جديد بعد إلغائها عام 1987 أخذت الوزارة تتنازع هذه المهمة مع اللجنة الأولمبية وكل طرف يصر على إنه الطرف الأساسي في هذا الموضوع حتى أصبحت الأمور فوضى وعلى رأي غوار الطوشه ( كل من أيدو إلو ) وكل يفعل ما يشاء وإنتخابات الأندية معطلة منذ وقت طويل , نعود الى الموضوع فنقول بعد أن تجيز الجهة المسؤؤلة هذا النادي تقوم الهيئة بإنتخاب أو تعيين هيئة أدارية للنادي وتقوم بإستئجار أو شراء مقر للنادي ثم تقوم بتأسيس فرق الألعاب المختلفة وتقوم بمفاتحة الإتحادات لقبول هذه الفرق في نشاطاتها , هذه هي أهم الخطوات لكل ناد رياضي , ولكن هل قام الإتحاد العراقي بهذه الخطوات عند قيامه بتنظيم الدوري على صعيد الأندية ؟ الجواب كلا فلم يقم الإتحاد بأي من هذه الأجراءات بل كل ما في الأمر شكل أندية وهمية لا وجود لها على أرض الواقع ولو كان في دولة لها قوانينها وأنظمتها لما تجرأ الأتحاد على فعل ذلك ولكن الرياضة العراقية منذ نشأتها الأولى ولحد الآن تسير ببركة دعاء الوالدين فقط ولا تدري ماذا تفعل غدا , فكيف تعامل الإتحاد مع الأمر ؟ نظر الإتحاد الى الفرق الموجودة في الموسم السابق 73 – 1974 الذي لم يمض على إنتهائه سوى أيام قلائل حين أجرى الإتحاد بطولة تسقيطية لترشيح ثلاثة فرق الى دوري الدرجة الأولى وفعلا صعدت ثلاثة فرق إلا أن قرار الإتحاد الجديد جعل هذه البطولة وفرقها الصاعدة مجرد حبر على ورق , ونظر الإتحاد الى فرق الموسم السابق وفصل منها فرق الأندية الجديدة الوهمية أو الصورية على الوجه الآتي :

كان عدد فرق الدرجة الأولى لموسم 73 – 1974 خمسة عشر فريقا منها تسع فرق من العاصمة بغداد وستة من المحافظات فقرر الإتحاد أن يضم دوري الدرجة الأولى لموسم 74 – 1975 عشرة أندية , ستة منها من بغداد وثلاثة من المحافظات وأما العاشر فكما يقول عامة الناس ( مخلط يا لوز ) فالنادي العاشر نصفه من بغداد ونصفه الآخر من البصره !!! وعلى الشكل الأتي :

فرق بغداد التسعة لموسم 73 – 1974 هي :

1: القوة الجوية وهو من فرق الجيش إلا أن الإتحاد قرر أن يكون ناديا مستقلا لوحدة تحت إسم نادي الطيران .

2: و 3: آليات الشرطة , شرطة النجدة وهما من فرق الشرطة قرر الإتحاد أن يلعبا مع باقي فرق الشرطة من الدرجات الأخرى تحت إسم نادي الشرطة , وحيث أن مديرية ألعاب الشرطة وهي الجهة التي كانت تدير نشاطات الشرطة الرياضية أرادت إفشال الدوري الجديد قامت بعدم إشراك هذين الفريقين والفرق الأخرى للشرطة بل قامت بإشراك لاعبين مغمورين من منتسبي مديرية ألعاب الشرطة فخسر أول مباريتين في الدوري الجديد فتم القيام بخطوة جديدة غير قانونية تمثلت بأبعاد هؤلاء اللاعبين بلاعبين آخرين من فريقي شرطة النجدة وكلية الشرطة فقط ولم تشرك لاعبي آليات الشرطة المعروفين وعدد منهم من لاعبي المنتخب الوطني لإفشال الدوري الجديد !!!

4: و 5: قوات نصر , قوات صلاح الدين وهما من فرق الجيش قرر الإتحاد أن يلعبا وباقي فرق الجيش في الدرجات الأخرى تحت إسم نادي الجيش , ولكن لأن مديرية ألعاب الجيش أرادت هي الأخرى أفشال الدوري الجديد قررت عدم لعب هؤلاء الفرق لنادي الجيش بل إختارت فريق الطيران ( باء ) وهو الفريق الثاني للقوة الجوية وكان يلعب في دوري الدرجة الثانية البغدادي لموسم 73 – 1974 لكي يلعب تحت إسم نادي الجيش وهو فريق متواضع !!!

6: السكك الحديد وهو من فرق وزارة النقل قرر الإتحاد أن يلعب تحت إسم نادي النقل .

7: الكهرباء وهو من فرق وزارة الصناعة قرر الإتحاد أن يلعب مع فرق الوزارة الأخرى تحت إسم نادي الصناعة , غير أن حقيقة الأمر أن لاعبي الكهرباء فقط دون باقي فرق الوزارة هم من مثلوا نادي الصناعة .

8: مصلحة نقل الركاب وهو من فرق وزارة البلديات قرر الإتحاد أن يلعب مع باقي فرق الوزارة تحت إسم نادي البلديات فلعب لاعبو هذا الفريق مع لاعبي فريق إسالة الماء في نادي البلديات .

9: البريد والبرق وهو أحد فرق وزارة المواصلات فقرر أن يلعب هذا الفريق ولاعبوه من بغداد تحت إسم نادي المواصلات مع فرق الوزارة الأخرى ومنها فريق مصلحة الموانىء ( الميناء ) من البصره فشكل الفريقان ناد واحد يضم مجموعة لاعبين من بغداد ومجموعة من البصره في حالة غريبة لم تحدث إلا في بلد واحد هو العراق وقد قال عنه اللاعب والمدرب الراحل عمو بابا إنه من من عجائب الدنيا مثل عجائب الدنيا السبع .

فرق المحافظات الستة لموسم 73 – 1974 وهي :

1: مصلحة الموانىء ( الميناء ) قرر الإتحاد أن يلعب كما قلنا أعلاه مع فريق البريد بناد واحد هو المواصلات .

2: و 3: شرطة أربيل , شرطة السليمانية قرر الإتحاد أن يلعبا مع باقي فرق الشرطة تحت إسم نادي الشرطة , لكن في حقيقة الأمر لم يلعب أي لاعب من هذين الفريق مع نادي الشرطة .

4: و 5: و 6: نادي السماوه , نادي الرافدين من محافظة القادسية , نادي بابل قرر الإتحاد أن يلعب هذه الأندية الثلاثة في الدرجة الأولى , وبذلك إكتمل عقد الأندية العشرة للدرجة الأولى , ستة فرق من بغداد , ثلاثة من المحافظات والعاشر نادي مختلط من بغداد والبصره , وتقرر أن تلعب الأندية العشرة بطريقة الدوري لمرحلتين وهذا ما تم بالفعل . 

والآن ماذا عن فرق الدرجة الثانية ؟ قرر الإتحاد أن تضم الدرجة الثانية ثمانية عشر ناديا , كان العراق وقتها يضم ستة عشر محافظة إذ لم تكن محافظتا النجف وصلاح الدين قد إستحدثتا ( أصبحتا محافظتين في شباط 1976 ) فقرر الإتحاد أن يلعب ناد واحد من كل محافظة وثلاثة أندية من بغداد , وحيث إن محافظة دهوك إعتذرت عن المشاركة فقد تم وضع نادي الغري من قضاء النجف بدلا منه إضافة الى أربعة عشر ناديا من المحافظات هي التي تصبح خمسة عشر بإضافة نادي الغري :

التآخي من أربيل - السليمانية من نفس المحافظة - الموصل من محافظة نينوى - الثورة من محافظة كركوك - ديالى من محافظة ديالى - الحلة من محافظة بابل  - الخالدية من محافظة الأنبار  - الكوت من محافظة واسط - الديوانية من محافظة القادسية - الوركاء من محافظة المثنى - الجزائر من محافظة ذي قار - العمارة من محافظة ميسان - الإتحاد من محافظة البصرة  - ناديا الكوفة والغري من محافظة كربلاء .

أما أندية بغداد فقد نظر الإتحاد الى فرق دوري الدرجة الثانية البغدادي لموسم 73 – 1974 وكانت تضم إثنا عشر فريقا هي , والفريق الثالث عشر الصاعد من الدرجة الثالثة الى الثانية بنهاية موسم 73 – 1974 وهو نادي الزوراء :

1: و 2: كلية الشرطة , شرطة المرور وهما من فرق الشرطة قرر الإتحاد أن يلعبا مع باقي فرق الشرطة تحت إسم نادي الشرطة وفعلا لعب مجموعة من لاعبي كلية الشرطة الى نادي الشرطة , أما لاعبي شرطة المرور فلم يتم إختيار أحد منهم لنادي الشرطة فلعبوا لنادي الشباب في الدرجة الثالثة وبقي قسم منهم بهذا النادي حتى صعوده للدرجة الأولى موسم 78 – 1979 .

3: إسالة الماء وهو من فرق وزارة البلديات وأصبح لاعبوه كما قلنا أعلاه ضمن نادي البلديات في الدرجة الأولى .

4: الطيران ( باء ) وهو ألفريق الثاني أو الظل للقوة الجوية ولكن لأن للقوة الجوية فريق كامل سيلعب بأسم نادي الطيران موسم 74 – 1975 ولا يحتاجون للأعبي الطيران ( باء ) ولأن هذا الأخير من فرق الجيش أيضا فقد أشركت مديرية ألعاب الجيش هذا الفريق كفريق لنادي الجيش في الدرجة الأولى .

5: و 6: و 7: و 8: الهندسة الآلية الكهربائية , التموين والنقل , قوات قتيبه , صلاح الدين ( باء ) هذه الفرق الأربعة من فرق الجيش وقرر الإتحاد أن تلعب مع باقي فرق الجيش تحت إسم نادي الجيش لكن حقيقة الأمر إن كل لاعبي هذه الفرق لم يلعبوا للجيش فعلا ومعظمهم بقي يلعب بنفس فرقه في دوري القوات المسلحة للدرجة الثانية .

9: الزيوت النباتية وهو من فرق وزارة الصناعة قرر الإتحاد أن يلعبوا مع باقي فرق وزارة الصناعة تحت إسم نادي الصناعة لكن في الحقيقة لم يلعب لنادي الصناعة سوى لاعبي فريق الكهرباء كما أوردنا أعلاه .

10: الكهرباء ( باء ) أي الفريق الثاني لفريق الكهرباء وقد إنطبق عليه نفس ما وقع لفريق الزيوت النباتية .

11: الإعاشه وهي مؤسسة تابعة لوزارة الإقتصاد وهي مسؤولة عن المخابز والأفران وقرر الإتحاد أن يلعب هذا الفريق في الدرجة الثانية تحت إسم نادي الإقتصاد وشارك في الدرجة الثانية فعلا وكان من لاعبيه شاكر علي لاعب المنتخب الوطني السابق في السبعينيات ووالد اللاعب سلام شاكر لاعب المنتخب الوطني السابق .

12: جامعة بغداد وقرر الإتحاد أن يلعب في دوري الدرجة الثانية تحت إسم نادي الجامعة وهو ما حصل بالفعل .

أما الفريق الثالث عشر فهو نادي الزوراء الفائز ببطولة دوري الدرجة الثالثة البغدادي لموسم 73 – 1974 بعد فوزه على فريق إنضباد الشرطة 2 – 1 وقرر الإتحاد أن يلعب في دوري الدرجة الثانية لموسم 74 – 1975 .

وبذلك ضم دوري الدرجة الثانية ثمانية عشر فريقا , خمسة عشر منهم من المحافظات وثلاثة من بغداد هي الزوراء , الجامعة , الإقتصاد , تلعب بطريقة الدوري لمرحلة واحدة وهذا ما تم بالفعل وصعدت في نهايته خمسة أندية الى الدرجة الأولى هي فرق بغداد الثلاثة وناديي ديالى والحلة .

دوري الدرجة الثالثة :

قرر الإتحاد تقسيمه الى أربعة مناطق هي الشمالية , الوسطى , الجنوبية , بغداد , حيث يلعب فريق واحد من كل محافظة على أن يترشح ناديان من كل منطقة الى الدور النهائي , وضمت مجموعة بغداد ثلاثة عشر فريقا لعبت بطريقة التسقيط المزدوج ترشح منها فريقان هما الشباب والعمال الى الدور النهائي مع الفرق الستة الأخرى بمعدل فريقين من كل منطقة الى الدور النهائي الذي جرى في بغداد بطريقة التسقيط المزدوج أيضا إنتهى بصعود الشباب والعمال الى الدرجة الثانية لموسم 75 – 1976 .

كان هذا ما عمله الإتحاد العراقي في الثامن عشر من آب 1974 وغير خارطة الدوري على الأقل شكلا , أما من ناحية المضمون فلم يتغير شيء لحد الآن وتلك هي الطامة الكبرى الذي نأمل أن تتغير مستقبلا , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ