المنتخبات الأوروبية والكيل بمكيالين في مونديال قطر
في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات من كل حدب وصوب لارساء العدالة اللازمة في التعامل مع مختلف القضايا الانسانية في المنطقة العربية أو على مستوى العالم برمته سواء عبر المنظمات الاممية والحقوقية او الهياكل الانسانية العالمية، اختارت بعض المنتخبات الأوروبية استخدام الرياضة في السياسة من اجل فرض بعض السلوكيات او التوجهات التي لا تحظى باجماع بين مختلف الثقافات والمجتمعات وهو ما يكرس ازدواجية الخطاب لدى هذه المنتخبات ويجسد حالة الانفصام في التعامل مع القضايا العادلة الدولية، كما يمهد للعنصرية في اختيار المواقف وتبنيها بما يخدم عرقا او جنسية بعينها دون الاخرى. وعلى سبيل المثال اعلن قائد منتخب بولندا روبرت ليفاندوفسكي قبل ايام قليلة نيته ارتداء شارة قيادة تحمل علم أوكرانيا التي أهداه إياها أسطورة كرة القدم الأوكرانية أندريه شيفتشينكو في كأس العالم، من باب الدعم للبلد الذي يعاني من الحرب الروسية منذ فبراير الماضي.
منتخب الدنمارك يطمس شعاره بزعم الاحتجاج على معاملة العمال في قطر
فيما تردد عن انضمام المنتخب الإنجليزي، لحملة مناهضة للتمييز والتي ضمت العديد من المنتخبات الأوروبية المتأهلة الى بطولة كأس العالم التي ستقام في قطر والتي سيشاركون فيها بارتداء شارة ذات دلالات معينة تدعم فئة المثليين، قبل ان تقرر شركة Hummel الراعية الرياضية لمنتخب الدنمارك لكرة القدم، طمس شعارها على القميص الرسمي خلال مشاركته في مونديال قطر 2022، لاسباب تتعلق بحقوق العمال حسب ادعاءاتها المغرضة في الوقت الذي تلقت فيه دولة قطر الاشادة من الاتحادات العمالية الدولية ولجان حقوق الانسان لما حققته من تطورات في مجال حماية حقوق العمال، حيث حققت قفزات كبيرة في هذا المجال خلال السنوات القليلة الماضية وذلك من خلال أدوات تشريعية وتنفيذية عديدة، بالإضافة إلى انضمامها للعديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة بحقوق العمال وإقامتها للعديد من الشراكات الإقليمية والدولية مع منظمات تُعنَى بحماية العمال وحقوقهم ومن بينها منظمة العمل الدولية.
ورغم ان الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يمنح الضوء الأخضر بعد لهذه المنتخبات لإرتداء الشارات بكأس العالم، على ضوء الطلب الذي تقدم به الاتحاد الانجليزي لكرة القدم، الا ان هذه المنتخبات بعينها لم يسمع لها اي صوت في نصرة القضية الفلسطينية وما يتعرض له الفلسطينيون من تنكيل على مدار عشرات السنوات من جانب الاحتلال الاسرائيلي، كما ان الفيفا سبق له وان اعرب عن رفضه للخلط بين الرياضة والسياسة في مختلف الفعاليات والمحافل الرياضية التي تخضع لاشرافه، خاصة عندما فرض غرامة مالية على الاتحاد الإسكتلندي وقدرها 8024 جنيها إسترلينيا، عقب رفع الجماهير الاسكتلندية للأعلام الفلسطينية خلال مباراة منتخب بلادهم مع منتخب الاحتلال خلال تصفيات كأس العالم في أكتوبر من العام الماضي، حيث يعتبر جمهور فريق "سلتيك" الأسكتلندي أبرز الجماهير المشجعة لكرة القدم والمتضامنة مع القضية الفلسطينية لأسباب تاريخية تتعلق بالظلم والتطهير العرقي الذي جرّبه الإسكتلنديون في القرن التاسع عشر، حيث اعتبرت الفيفا موقف الجمهور التضامني والإنساني مع الشعب الفلسطيني المُحاصَر موقفا سياسيًا لا علاقة له بالرياضة.
على جانب اخر طالبت الجماهير العربية وعدد من نشطاء التواصل الاجتماعي قادة منتخبات قطر والسعودية وتونس والمغرب بارتداء "شارة فلسطين"، خلال مبارياتها في كأس العالم لكرة القدم، على غرار دعم المنتخبات الأوروبية لأوكرانيا، حيث اشتعلت مواقع التواصل بحملة ضخمة، تدعو قادة المنتخبات العربية بمونديال قطر لارتداء شارة قائد المنتخب بألوان علم فلسطين؛ ردًا على ازدواجية الغرب وإعلان منتخبات أوروبية ارتداء شارات قيادة لدعم حملات سياسية أو أيديولوجية.
وأصبحت الكرة الآن في مرمى الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا من اجل اتخاذ التدابير اللازمة وابداء قراره الرسمي الذي يفترضه الحدث ومنع اي مظاهر لخلط السياسة والايديولوجيا بكرة القدم باعتبارها الرياضة الشعبية الاكثر انتشارا على مستوى العالم بالاضافة الى حملها لرسالة التجميع بين مختلف الثقافات والمجتمعات والاعراق.
