🔻.. خارطة الطريق
ناصر بابكر
انتصار (مبارك). لم يفعل المريخ بملعب شيخا بيديا أمس الأربعاء، أكثر من تصحيح الصورة المقلوبة التي سادت في الفترة الماضية، ولم يفعل أكثر من إعادة الأوضاع لطبيعتها، وفرض كلمته زعيماً لكرة القدم السودانية، وهي المكانة التي وجد عليها ليبقى ويستمر، وينهض ويعود متى ما تعثرت خطواته، وليبرهن قدرته على قول كلمته وفرض سطوته مهما جار عليه الزمان.
. الغريم الذي يضخمونه ويصورونه ماردا أفريقيا، ويوهمون أنفسهم أنهم يعيشون أزهى حقبة في تاريخهم، قابل المريخ بمباراة الأمس للمرة العاشرة في الحقبة (الخيالية) لهم التي بدأت قبل أربع سنوات حينما تم تعيين السوباط رئيسا للهلال.
. خلال تلك الحقبة، عاش الهلال استقرارا اداريا كبيرا، مقابل اسوأ حقبة شهدت عدم استقرار إداري وفني وعلى كافة الأصعدة بالنسبة للمريخ، فكيف كانت نتائج المباريات العشر التي لعبت فعلياً خلال الحقبة (الأفضل) للهلال و(الأسوأ للمريخ)؟.
. قبل الإجابة، ومن يتابع ما يكتبه أنصار الهلال عن فريقهم، وما يكتبونه عن المريخ، يظن و(بعض الظن إثم) أن الهلال كسب المباريات العشر، أو على أقل تقدير كسب تسعة وانتهت مباراة بالتعادل، وإن وقف الحظ مع المريخ فثمانية انتصارات هلالية وواحد مريخي وتعادل.
. تلك الصورة الافتراضية التي يتخيلها بعض إعلام الهلال وبعض أنصاره، لكن ما هي الصورة الحقيقية؟.
. الحقيقة تقول أن انتصار المريخ على الهلال بالأمس هو الإنتصار الخامس له على غريمه في حقبة رئاسة (السوباط)، التي شهدت ثلاثة انتصارات هلالية فقط في الملعب، في وقت إنتهت مباراتين بالتعادل.
. لغة الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل تقول أن نسبة انتصارات المريخ في القمة في أسوأ حقبة إدارية له هي 50٪ من المباريات.. بينما انتصارات الهلال في أفضل فترة له (بحسب إعلامه وانصاره)، لم تتجاوز 30٪ فيما سيطر التعادل بنسبة 20٪.
. تلك هي وضعية الهلال الحقيقية وبلا تزييف في مواجهة المريخ، والتي تبرهن أن الزعيم يبقى أعلى كعباً وقامة ومقاماً مهما جار عليه الزمان، وأن قدرة الأزرق مهما ظن فيه أهله من قوة لا تتجاوز بعض الإنتصارات العابرة التي تبقى تاريخا بالنسبة لهم وإنجاز يحتفى.
. المريخ يتفوق على الهلال بصورة مستمرة وهو في أسوأ حقبة إدارية، ويتفوق على الهلال مهما كان الوضع الفني الذي يدخل به المواجهة، ويكفي جولة الأمس دليلاً.
. المريخ يدخل المباراة طاقم فني جديد بالكامل بدون أي مدرب وطني، وهو طاقم أجنبي تولى مهامه قبل شهر فقط، ووجد 40 لاعباً، ووجد خرابا وحطاما، ولم يجد فريقا للبناء عليه، ولا أساسا يعينه، ودخل مباراة الأمس وتوليفته الأساسية تضم خمسة لاعبين (نصف التشكيلة) لم يمضوا في كشف المريخ سوى أسابيع، بجانب لاعبين لم يكملوا موسما بعد مع الفريق.
. المريخ الذي تسلمه ميشو وانضم لكشوفاته تسعة لاعبين جدد قبل أسابيع معدودة، كان قبل شهر واحد يعيش حطاما بدنيا وفنيا وتكتيكيا ونفسيا وذهنيا، ويعيش توهانا من كل النواحي، ومع ذلك، وفي البدايات الأولى لرحلة التعافي، وفي بدايات النهوض من عثرته، كان كما كالعادة قادرا على قهر الهلال بمجلسه الموجود منذ أربع سنوات، ومدربه الموجود منذ ثلاث سنوات، وبتوليفته المستقرة، وأجانبه المستفيد منهم بزيادة عبر الثلاثي الموريتاني.
. ذاك هو الديربي، وتلك هي حقيقته، في أسوأ فترات المريخ وأفضل فترات الهلال، وذاك هو الواقع الذي لا يمكن أن تغيره مئات المقالات والمنشورات التي ترسم صورة افتراضية من وحي الخيال يكذبها الملعب وتدحضها الأرقام، ويبقى المريخ هو المريخ الزعيم الذي لن يطاله الغريم.