حقق هانس فليك بداية مشجعة للغاية في مسيرته كمدرب لبرشلونة، ورغم أن كأس السوبر الإسباني قد لا يكون أعرق الألقاب، إلا أن فريق فليك فاز به بطريقة عززت معنوياته، بفوزه على ريال مدريد بنتيجة 5-2 في النهائي في شهر يناير، والأهم من ذلك أنهوا دور المجموعات في المركز الثاني خلف ليفربول في المرحلة الجديدة من دوري أبطال أوروبا، وتأهلوا بسهولة إلى دور الستة عشر.

في سعيهم لمنافسة ريال مدريد في الدوري الإسباني، فريق فليك يتأخر بأربع نقاط عن حامل اللقب بعد 22 مباراة، وفي الوقت نفسه، وصل الفريق إلى نصف نهائي كأس ملك إسبانيا بانتصارات متتالية بنتيجة 4-0 و5-1 و5-0، في الواقع بعد فوزه على فالنسيا بنتيجة 5-0 خارج أرضه في ربع النهائي، سجل برشلونة بقيادة فليك 109 أهداف في 35 مباراة فقط في موسم 2024/25 - أي أقل بهدف واحد من 110 أهداف سجلوها في 53 مباراة طوال الموسم قبل وصول فليك.

لقد عاد فليك إلى مستواه المعهود، ليصبح أول مدرب يُقال من المنتخب الألماني للرجال، عندما أُقيل عام 2023، جاء ذلك بعد ذروة مسيرته التدريبية: الفوز بجميع الألقاب الستة المتاحة لبايرن ميونيخ في عام 2020.

فيما يلي، حلل مدربون مرخصون من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من موقع "صوت المدربين" أداء برشلونة تحت قيادة فليك...

• كسر الكتل

بعد 22 مباراة في الدوري الإسباني تحت قيادة فليك، حقق برشلونة أعلى معدل استحواذ على الكرة (66.5٪)، متقدمًا على ريال مدريد (60.7٪)، كثيرًا ما يواجه هذان العملاقان في كرة القدم الإسبانية الكتل المتماسكة - على عكس الضغط الهجومي - مما يزيد بطبيعة الحال من فرص بناء الهجمات بصبر، بالنسبة لبرشلونة بقيادة فليك، يتضمن هذا البناء الدفاعي وخط الوسط البحث عن لاعبين رقم ثمانية وثلاثي هجومي في خطة 4-3-3، أو لاعب رقم 10 في خطة 4-2-3-1.

اللاعبان اللذان حققا أكبر عدد من التمريرات في الدوري هما قلبا دفاع برشلونة، باو كوبارسي (1,682) وإنيغو مارتينيز (1,508)، ويعكس هذا تواصلهما المتكرر مع لاعبي الارتكاز، بيدري (1,246) ومارك كاسادو (1,110)، واللذين كانا ضمن أفضل 12 لاعبًا من حيث إجمالي التمريرات، غالبًا ما يقود هذا الرباعي الهجومي برشلونة إلى العمق، من خلال الجمع بين التمريرات القصيرة والتواصل معها.

في هذا الجزء من بناء برشلونة، تُتيح التمريرات وقتًا للظهيرين للتقدم، مع حرص الظهير الأيسر أليخاندرو بالدي على التقدم للأمام، وغالبًا ما يفعل ذلك في وقت أبكر بكثير من الظهير الأيمن جول كوندي - الذي يحتل المرتبة الثامنة في الدوري الإسباني من حيث التمريرات (1,139) - والذي يميل إلى تقديم الدعم من خلال الجري المتأخر.

كما يهاجم الجناح الأيسر رافينيا من موقع بداية على الأطراف، هناك سيسعى لقلب الهجوم بين الخطوط، متواصلاً مع داني أولمو، أو فيرمين لوبيز، على الجهة اليمنى لبرشلونة، يميل لامين يامال إلى الحفاظ على عرض الملعب لفترة أطول، بينما يلعب روبرت ليفاندوفسكي كمهاجم مركزي وحيد (أدناه).

حتى وقت كتابة هذا التقرير، كان برشلونة الأقل تمريرًا للتمريرات الطويلة في الدوري، حيث فرض فليك أسلوبه الكلاسيكي في التمرير بقوة. انطلاقًا من هذه القاعدة الأساسية، تواصل لاعبو برشلونة في عمق الملعب وحددوا إيقاع اللعب قبل إرسال تمريرات حاسمة للمهاجمين. وهناك، تحدث تركيبات أسرع بكثير حيث يقتحم الثلاثي الهجومي، ورقم 10، وواحد على الأقل من لاعبي الارتكاز أو الظهير، منطقة الجزاء بقوة.

• استخراج أفضل ما لدى ليفاندوفسكي

انضم ليفاندوفسكي إلى برشلونة في سن 33 عامًا، وكان عمره 36 عامًا عندما انضم فليك إلى النادي - لكن سجله التهديفي لم يُظهر أي علامة على التراجع، سجل المهاجم 42 هدفًا في 69 مباراة بالدوري الإسباني قبل وصول فليك، وسجل 18 هدفًا في أول 21 مباراة له تحت قيادة فليك.

في بوروسيا دورتموند وبايرن ميونيخ، تألق ليفاندوفسكي عندما لعب كمهاجم وحيد، لقد استغل المهاجمين السلسين على الأطراف الذين دعموه بالمراوغات والعرضيات، بالإضافة إلى مجموعات محكمة حول قدميه، داخل المساحات بين الخطوط، يتمتع برشلونة بكليهما بكثرة، بينما حافظ ليفاندوفسكي على لمسته الحاسمة أمام المرمى.

بعد 22 مباراة في الدوري الإسباني في موسم 2024/25، لعب برشلونة أكبر عدد من التمريرات المفتاحية (121) وأكبر عدد من التمريرات إلى الثلث الأخير (1574). على اليسار، قدم رافينيا 26 تمريرة مفتاحية - وهو الأكثر في الدوري. غالبًا ما كانت تأتي هذه التمريرات عندما كان يدخل من خط التماس، ليمررها إلى ليفاندوفسكي بينما ينزع المهاجم كتف قلب الدفاع. كما قدم رافينيا أيضًا عرضيات ليفاندوفسكي للهجوم (أدناه)، وهو أكثر لاعبي برشلونة عرضية (والخامس في الدوري الإسباني، بـ 90 عرضية بعد 22 مباراة).

في هذه الأثناء، قدّم يامال وكوندي 27 تمريرة حاسمة، كثنائي، من الجانب الأيمن. خلقت مراوغة يامال وانطلاقاته الماهرة في اللحظات الأخيرة - أو تمريراته الرائعة من خارج القدم وتمريراته العرضية - فرصًا لليفاندوفسكي. في الوقت نفسه، كان كوندي ثالث أكثر لاعبي برشلونة تمريرًا عرضيًا (61) خلف رافينيا ويامال (62). عادةً ما يمرر العرضيات من موقع متأخر قليلاً.

بالإضافة إلى الخدمة التي يتلقاها، يعود الفضل في موسم ليفاندوفسكي الغزير إلى حد كبير إلى دقته أمام المرمى. بعد 22 مباراة، حقق سادس أعلى نسبة تسديد على المرمى في الدوري الإسباني (49.21%)، بعد أن سدد رابع أكبر عدد من التسديدات (63). في سن 36، يحافظ البولندي على قدرته على التكيف داخل منطقة الجزاء، مسجلاً أهدافًا من اللعب المفتوح والكرات الثابتة، مع الاستمرار في القيام بانطلاقات في توقيت مناسب لاختراق دفاع الخصم. لطالما كانت قدرته على توجيه جهوده الهادفة نحو المرمى من أدنى لمسات للكرة سمةً بارزةً. العديد من أهدافه تحت قيادة فليك كانت من اللمسة الأولى، ونادرًا ما كانت من أكثر من لمستين. طالما استمر من حوله في خلق الفرص، فقد أثبت ليفاندوفسكي قدرته على التألق تحت قيادة فليك.

• الثقة بالشباب

تعهد جميع مدربي برشلونة الجدد بمنح اللاعبين الشباب فرصًا لأول مرة مع الفريق الأول، أدخل رونالد كومان بيدري وجافي وبالدي إلى الفريق الأول، بينما منح تشافي الفرص ليامال وكوبارسي وكاسادو ولوبيز وهيكتور فورت الظّهور الأول مع النادي الكتالوني، في موسمه الأول استفاد فليك بشكل كبير من جميع هؤلاء اللاعبين تقريبًا، مع غياب جافي البارز بسبب الإصابة.

ونتيجةً لذلك، أصبح فريق برشلونة ثاني أصغر فريق من حيث متوسط ​​أعمار اللاعبين في الدوري الإسباني لموسم 2024/2025، ساعدت طاقتهم الشابة الفريق على التناغم بشكل كبير، مع العديد من الانطلاقات الهجومية والتمريرات المتقدمة، أضف إلى ذلك الضغط الهجومي المتقدم في الملعب، بما في ذلك الضغط المضاد المكثف، في الواقع حقق برشلونة ثاني أدنى معدل PPDA 7.67 بعد 22 مباراة.

ونظرًا لتشجيع فليك لظهيريه على التقدم، فهما عادةً متاحان للضغط نحو الداخل في حال فقدان الكرة في الثلث الأوسط، هناك يُقدم بالدي وكوندي دعمًا إضافيًا للضغط، غالبًا على الجانب الأعمى من أجنحة الخصم، يتقدم لاعبو خط الوسط الأعمق - غالبًا بيدري وكاسادو - بقوة إلى الأمام ويسعون لقطع خطوط التمرير المركزية إلى مهاجم الخصم، مع دعم أيضًا للاعب رقم 10 - داني أولمو أو لوبيز - في المواجهات الثنائية المركزية، يُضيّق الثلاثي الأمامي المساحة ويساعد في حصر الكرة في مساحات وسط الملعب (أدناه).

بعد 22 جولة، كان الظهيران كوندي (340) وبالدي (320) من بين أفضل ثلاثة لاعبين دفاعيين في فريق فليك، إلى جانب بيدري (273)، وجاء لاعب الوسط الدفاعي كاسادو (252) في المركز الثاني، يليه قلب الدفاع كوبارسي (211)، وباستثناء كوندي البالغ من العمر 26 عامًا، لم يتجاوز عمر أي من هؤلاء اللاعبين 22 عامًا، وتساعد التّشكيلة الهجومية لهذه المجموعة الشابة نادي برشلونة على استعادة الكرة بسرعة، وإلى جانب انخفاض معدل PPDA، احتل فريق فليك أيضًا المرتبة الثانية من حيث قوة التحدي - وهو مقياس لمدى محاولة الفريق استعادة الكرة بنشاط عندما يكون الخصم مستحوذًا على الكرة.

• الاختراق

غالبًا ما سعى برشلونة بقيادة فليك إلى الاختراق من الخلف إذا توفرت المساحة، هنا ساعد تراجع ليفاندوفسكي في تعطيل دفاعات قلب الدفاع المنافس، مما سمح بترابط إضافي بين الخطوط، وخاصةً مع الرقم 10، إذا ترك قلبا الدفاع ليفاندوفسكي، فيمكنه استلام الكرة بحرية واللعب بين الخطوط، وفي كلتا الحالتين تعمل الانطلاقات من الجناحين يامال ورافينيا على استغلال المساحات خلف خط الدفاع، وبالتالي لعب برشلونة أكبر عدد من التمريرات البينية (218) في الدوري الإسباني بعد 22 جولة - أي أكثر بحوالي 100 تمريرة من الفريق الثالث في القائمة.

كما كانت تمريرات بيدري مؤثرةً بشكل خاص، خاصة بعد استعادة خط الوسط، وعندما يتعرض برشلونة للضغط في نصف ملعبه، كان منفذًا ممتازًا في وسط الملعب، حيث يستقبل الكرة عبر جسده ويفتح المجال للهجوم، غالبًا ما يبحث مباشرة عن تحركات الجناح، متجاوزًا مركزي التسع والعشرة، في الواقع ساعدت تمريراته برشلونة على لعب كرة قدم مباشرة أكثر عند الضرورة.

إذا لم يكن لاعبو خط الوسط متاحين لاستقبال الكرة والتقدم للأمام - غالبًا بسبب الرقابة الهجومية الموجهة للاعبين - فقد تمكن برشلونة من تمرير الكرات من الخلف ليتمكن الأجنحة من الركض عليها، هذه العقلية الاختراقية تعني أنه مهما كانت الاستراتيجية الدفاعية التي يتبعها الخصوم، فإن برشلونة لديه حل محتمل، لعب كل من كوندي (في الصورة أدناه) وكاسادو وإينيغو مارتينيز تمريرات مباشرة لرافينيا ويامال، مع وجود ليفاندوفسكي لربط الكرات من خلال التمريرات السريعة واللعب الثانوي.

رغم أن برشلونة اعتمد في معظم مبارياته على دفاعات دفاعية متوسطة ومنخفضة، إلا أن أسلوب فليك المرن في الاستحواذ على الكرة ساعد فريقه على تسجيل أكبر عدد من الأهداف في الدوري الإسباني حتى الآن خلال فترة قيادته. وسيكون من المثير للاهتمام متابعة مسار فريقه هذا التهديفي الحر، في مواجهة منافسة من ريال مدريد وأتلتيكو مدريد وأفضل فرق أوروبا، مع انطلاق موسم 2024/2025.